20-
لكن بعضاً، أو
حتى
كثيراً
منا ، منجرفون مع التيار ولا يريدون ، أو لا يستطيعون أن يسبحوا عكسه
وأن يكونوا رسل تغيير . أما الدليل على ضرورة السباحة عكس التيار فعدم
إيمان النظام السياسي والنظام التربوي نفسه بمصداقية الامتحانات العامة
وتجاوزهما لها بالاستثناءات (بقوة السلطة) والقبول الموازي (بقوة
المال) في الجامعات لطلبة من ذوي المعدلات الأدنى من المعدلات المقرر
قبولها بالتنافس الحر في كل كلية ، وبانخفاض المعدلات المقبولة طردياً
سنة بعد أخرى، وبالتوسع الكمي في التعليم العالي الحكومي والأهلي ،
وقبول طلبة ذوي معدلات دنيا (بوساطة السفارات) في الجامعات العربية
(المعترف بها) وفي جامعات أجنبية (أمريكية معترف بها) بعلامات المدرسة
"لفاشلين" في امتحان الثانوية العامة في مادة أو مادتين ، (بعضهم يلتحق
بها كسباً للوقت فيتقدم للامتحان ثانية في أثناء عطلة الجامعات تلبية
لمتطلبات الخدمة المدنية في الأردن في حالة العودة إليه). وهكذا يركب
النظامان جملاً ويقولان : لا يرانا أحد. إن إجراء الامتحانات
العامة , وتحديد نسبة النجاح فيها مسألة سياسية اقتصادية
أكثر منها
تربوية كما كان يقول الدكتور عبد العزيز القوصي رحمه الله . كما أن
نسبة النجاح فيها تكون مقررة سلفاً في ذهن واضع الأسئلة أو السلطة
المسؤولة وإن ادعى الامتحانيون والمستفيدون من الامتحانات العامة بخلاف
ذلك .
21- إذن فالسؤال الذي يجب أن يطرح ليس امتحان الثانوية العامة إلى أين
, وهل نبقي امتحان الثانوية العامة أم نلغيه ,
لأن المسألة أو المشكلة
أكبر من السؤال ، فلا يجاب بإما أو . الأفضل أن نسال أو نتساءل : ما
أفضل طريقة
لإطلاق إمكانات جميع الطلبة وتحسين أدائهم الأكاديمي
والحياتي ؟ ما السبيل إلى تطبيق إدارة الجودة الشاملة في المدرسة ؟ من
المسؤول عن تحصيل الطلبة وكيف نسأله أو نسائله ؟ كيف نجعله يحمل
مسؤوليته بكفاءة ؟ هل نخضع جميع الطلبة لمعيار واحد مفصل على مقاس شخص
أو طالب موجود في الخيال
Average Student
أم نفصله على مقاس الذكاءات جميعا ؟ أين تقع الذكاءات المتعددة من
التعليم أو التعلم؟ هل نعلم للماضي أم نعلم المستقبل ؟ كيف نجعل
التفكير الناقد والجانبي (الإبداعي) محوراً رئيسا من محاور التعليم
والتعلم ؟ كيف نطور البيئة المدرسية النفسية والاجتماعية والتربوية
والفيزيقية ، بما في ذلك استخدام الألوان والأضواء الموائتية ، لتحسين
التعلم عند جميع الطلبة ؟
ماذا نقول لمن يدعي أن الترفيع التلقائي أحد أهم أسباب هبوط المستوى ،
وأن الرئيس كلينتون دعى مرتين في خطابه الى الاتحاد (1997و 1998) إلى
رفع نسبة الرسوب (الذي تجاوز 32% سنة1992 في أمريكا) لرفع مستوى
التعليم ؟
نذكره بأن إجمالي البحوث التي أجريت على الرسوب في أمريكا نفسها خلال
الخمسين سنة الأخيرة أثبتت أنه غير مفيد، وأنه - على العكس مما يعتقد
الناس العاديون – يزيد من التسرب والآثار الاجتماعية السلبية ، ويلحق
ضرراً كبيراً بالراسبين ، مما جعل 65 من 66 مربياً وكاتباً وباحثاً
أمريكياً في مقالاتهم بين سنتي 1990 و 1997 يطالبون بالتخلص منه كما
أفاد وليام أونجز وسوزان ماجلير في مقاله لهما بعنوان الرسوب المدرسي :
تاريخ من الفشل
(Grade
Retention: A History of Failure: Educational Leadership Vol. 56 No.
1,
September, 1998)
وأن الرئيس الأمريكي لا يعرف في التربية ويدعو
إلى الرسوب لتغطية عجز
السياسيين عن تدخيل المدخلات اللازمة لتحسين التعليم وحل مشكلات
المدرسة .
وبما أن المدرسة لا تبنى على الأرض فقط بل على المعلم (والمدير) يجب أن
نسأل أنفسنا: كيف نعد معلمين ومعلمات ومديرين ومديرات جيدين وقادرين ،
وكيف نبقيهم متقدين حماساً للعمل التربوي ومواصلة النمو المهني؟ لعل
إعدادهم على الطريقة الأمريكية شكلاً أي بتسوق المساقات والساعات
المعتمدة المنفصلة بعربة محملة بالمنوعات من "سوبر ماركت" الجامعة هو
مصدر فشل الإعداد لأنه لا يجعل الطالب معلماً أي لا يحولّه إلى معلم بل
يعطيه رخصة ليشتغل في سلك التعليم . والحقيقة التي يجب أن تقال أن كل
جامعاتنا وكلياتنا المقتدية بالجامعات والكليات الأمريكية أخذت عنها
المغلف وتركت الرسالة عندما حولت الساعة المعتمدة إلى مجرد ساعة زمنية
.
ولعل غياب جمعيات المعلمين والمعلمات النوعية التي يدور كل منها حول
النهوض بتعليم مادة ما له أيضاً أثر سلبي إضافي على التعليم والتعلم .
22- في ضوء ما مر من تحديات
وإشكالات نقول : إما أن تقوم المدرسة
(والإدارة التربوية) بمخاطبتها , أو تعرض المعلمين والمعلمات (بما في
ذلك الإدارة التربوية) بتنكرهم لنتائج الامتحانات المدرسية التي
يجرونها كل يوم والتي قد يصل عددها إلى ثلاثة آلف امتحان مدرسي
يعقدونها لطلبتهم منذ التحاقهم بالصف الأول الابتدائي وحتى نهاية
المرحلة الثانوية, إلى مصير المعلمين والمعلمات في أمريكا. فعندما أعطي
الأطفال هنالك تمرين قارب الحياة, وقيل لهم : تخيلوا أنكم في قارب مع
مجموعة من الناس بينهم العلماء ، والفنانين ، والعسكر ، والمعلمين ،
والمعلمات .... وإن القارب مهدد بالغرق فمن تلقون منهم أولا خارجه
لينجو ؟ ومع أن هدف التمرين كان معرفة التوجهات الأخلاقية عند الطلبة ,
وهل يأتي الفن أم السلاح أم التعليم في المقام الأول عندهم ، إلا
أنهم
– للأسف – بدأوا بالتخلص من المعلمين والمعلمات (أميتاي ايتزيوني
:The
spirit of Community 1993)