إن
التقنيين كمفهوم له جوانب عدة :
أولاً :
إنه يقوم على وضع مواصفات واضحة للنتاجات التربوية المرغوب فيها ، أي
التي من المفروض في المعايير والمقاييس تحديدها. ولتبرير ذلك يقولون :
إذا لم تكن تدرك إلى أين أنت ذاهب ، فلن تعرف أين وصلت . وهكذا
تصبح النتاجات المرغوب فيها الممارسات الرئيسة في عملية تقنين جهود
الإصلاح التربوي
.
ثانياً :
يستخدم
التقنين – عادة – القياس (الكمّي) كوسيلة يتم من خلالها تقييم نوعية
النتاج أو الأداء وعرضه . وأساس ذلك عند المنادين به أنّ الكميوة
(من الكمية) ، تزيد من الموضوعية والدقة في التقييم، وأنه لا يستغنى
عنها لوصف بعض جوانب العالَم بما في ذلك عالَم التربية والتعليم .
لكن الكميوة لا تصلح لكل شيء . إن نقد المربين لها باضطراد .
ثالثاً :
يقوم
تقنين الممارسة على القدرة على الضبط والتنبؤ . لكن التقنين يقلل من
قيمة التفاعلات بما في ذلك قيمة الصفات الشخصية والتوقعات ، أو
التوجهات والأفكار والأمزجة ، التي تتفاعل في إطار الظروف الصفية
والمدرسية .
رابعاً :
يساعد
التقنين على إجراء المقارنات ، وتتطلب المقارنة ما يسمى بالقابلية
للقياس . والقابلية للقياس ممكنة إذا عرفت البرامج والمناهج
المدرسية في المدارس المقارَنة . فإذا كان التلاميذ والتلميذات
في مدارس مختلفة البرامج والمناهج والأوقات المخصصة لكل منها ،
تصبح المقارنة غير ممكنة أو غير عادلة : فالمقارنة بين أداء أطفال
اليابان في الرياضيات وأطفال أمريكا فيها ، دون أخذ الفروق الثقافية
وفروق الأوقات المخصصة لتقيمها ، وفروق أساليب التعليم ... بالاعتبار ،
يجعل المقارنة مستحيلة . وينطبق هذا المبدأ على مقارنة أداء التلاميذ
في مديريات التربية والتعليم المختلفة داخل الولاية الواحدة .
خامساً :
يعتمد
التقنين على حوافز خارجية أكثر منها داخلية أو ذاتية ، فالتعليم بالوصل
(Voucher)
يعامل المدارس بزنسياً ، وحسب مبدأ البقاء للأصلح : إذا لم تكن نتائج
المدرسة جيدة في الامتحانات فإنها يجب أن تخرج من البزنس . ففي
كاليفورنيا ومناطق أخرى في البلاد تُدفع
إكراميات لمديري التعليم
والمدارس إذا كانت نتائج تلاميذهم جيدة في الامتحانات العامة أو
الموحدة (الممعيرة
Standards)
حسب قاعدة الإدارة (الدفع) بالنتائج . إن لنظام الجوائز آثاراً على
أولويات المدرسة : هل العلامات في الامتحان هي المعيار الذي ينبغي
استخدامه لمكافأة الأداء الوظيفي ؟
لقد وصلت إلينا الملامح التي ذكرت من تراث عصر التنوير ، الذي جعلنا
نعتقد أن العقل يمكن أن يُستخدم لاكتشاف سنن الكون ، وأننا بمجرد
اكتشافها نستطيع وضع أفضل نظام . فكانت النتيجة تبنينا لمنحى إصلاحي لا
يترك لنا المجال للتعامل مع المفاجأة والخيال، والاستنباط ، والخصوصية
.