الإطار
التاريخي وقصة العولمة
قد يرقى تاريخ
النشأة إلى عام (1971
-
1973) مع ظهور أزمة البترول التي أحدثت تغييرات تكنولوجية واقتصادية
موجهة نحو البحث عن مصادر بديلة لإستراتيجية المواد الخام، والبحث عن
أشكال جديدة للمنتجات التي تستهلك أقلّ ما يمكن من طاقة وعمل، ويشير
البعض إلى أن نشأة العولمة يرقى تاريخها إلى أكثر من قرن مضى وذلك مع
حدوث تغييرات في تقنيات الاتصال وأشكال الهجرة، وحركة رأس المال،
وأشكال الاستعمار التي حدثت في دول العالم الثالث.
فلو اعتبرنا أن حصول هذه التغييرات وهو أمر مهم، فهل حقاً أن هذه
التغييرات لا مثيل لها ولا يمكن مقارنتها مع التغييرات مشابهة أخرى
حدثت في العصور الوسطى؟
فعلى الرغم من أننا نعيش في عهد تاريخي جديد، ونشهد نظاماً عالمياً
جديداً، فإن الأشكال القديمة للتغييرات لم تتلاش، والأشكال الجديدة
للتغييرات لم يتمّ صياغتها بعد، فقد أشار (ديفد هلد) في حديثه عن
مفهومي:
"الديمقراطية"
و "العولمة"
إلى أننا نعيش في (العصور الوسطى للعولمة) وهي الفترة التي تعكس
عدم قدرة الدولة على السيطرة على حدودها.
فالنظام العالمي الجديد له تأثيرات مختلفة على الدول طبقاً لمواقعها في
النظام العالمي، فهناك دول توحدت ضمن تحالفات إقليمية، ودول نامية،
ودول أقل تطوراً، ودول غير متطورة ومنعزلة، فالتأثيرات تقلّ في بعض
البيئات وتزداد في بيئات أخرى ولذلك فأن العولمة بحد ذاتها هي ظاهرة
عالمية غير موحّدة.
في هذا
الفصل، سنقوم بطرح موضوع نشاة العولمة وتأثيره
في مجالات الحياة المختلفة، من خلال الاطلاع
على وجهات نظر المؤلفين حول مفهوم العولمة وآثارها.
إذ يشير مصطلح العولمة
للبعض إلى انبثاق المؤسسات الوطنية الفائقة التي تقيس وتقيد
القرارات
والخيارات السياسية لكل دولة،
وبالنسبة لاخرين منهم فان المصطلح يعني
التأثيرات الساحقة لعملية الاقتصاد العالمي وبضمنها عملية الإنتاج
والاستهلاك والتجارة ورأس المال المتداول.
أما بالنسبة لاخرين منهم فان المصطلح يشير إلى نهضة
الليبرالية بصفتها تنظيم سياسي متحكم.
وبالنسبة للبعض الآخر فان المصطلح يعني انبثاق أشكال حضارية جديدة
ووسائل إعلام وتقنيات اتصال جديدة جميعها تعكس الانتساب والهوية
والتفاعل ضمن وعبر المواقع الحضارية المحلية.
وهناك من يرى أن العولمة تعني مجموعة
التغييرات وأداة يستخدمها صانعو القرار
السياسي في الدولة لتحفيز التغيير.
مع هذه الطورحات أثيرت أسئلة جديدة:
كيف
يتم تعريف العولمة؟ هل إن العولمة واقعاً ام مجرد أيديولوجية؟ إذا كانت
العولمة اتجاه متصلب فكيف يمكن أن يؤثر
هذا على السياسات الاقتصادية للبلدان
، وبالتالي يؤثر على ثقافة هذه البلدان وتعليمها؟ كيف تؤثر
الحركات باتجاه إعادة الهيكلة الاقتصادية على الأنظمة التربوية على
نطاق العالم؟