العولمة
وعلاقتها بالتربية
قبل بروز العولمة برزت مدرسة البحث عن المستقبليات: بعضها يقوم على رسم
المشاهد أو السيناريوهات المستقبلية المتوقعة اعتماداً على الوقائع
الراهنة دون تدخل أحد وبعضها يقوم على دراسة قدراتنا على التأثير في
هذه السيناريوهات أي قدرة تطلعات الحاضر على رسم المستقبل، أي التدخل
فيما سيأتي، والعولمة بكل ما تملك من طاقات الفعل والتأثير تحاول
التأثير في مستقبل الكرة الأرضية. وهل نحن قادرون على صناعة مستقبلنا
بغض النظر عن تأثير أرباب العقل في العالم؟
ولفهم واقع العولمة وتأثيرها علينا في العصر الحاضر وخصوصاً من الناحية
التربوية، لا بد ّمن إدراك التحديات والعراقيل التي تواجهنا، ومنها:
الابتعاد عن التعصب والتمذهب والطائفية، لأننا نملك شريان حضاري وثقافي
مركزي لا بد إن تتمثل فيه التعددية والشفافية والانفتاح المعاصر.
تنمية التفكير بوسائل تربوية متطورة تتلاقى مع روح العلم والتفكير
النقدي وحرية الرأي. والتحرر من رواسب الماضي العقيم والحفاظ على
ثرواته الحضارية والدينية والثقافية...
الحاجة إلى تفكير جديد
يعمل على إنتاج تاريخ جديد وتشريع جديد وتعليم جديد ومنهج جديد
.. وذلك من خلال تشكيل بنى اجتماعية موحدة ومتحضرة لها القدرة على
الحركة والتفاعل مع الآخرين على اختلاف مذاهبهم....
وضع سياسات وطنية راسخة وليس شعارات وهمية خاوية تجاه الغزو بأنواعه
المختلفة: الثقافية والأخلاقية....
التفاعل بين التراث القومي والحاجات المعاصرة. والانفتاح إلى الأنظمة
التربوية العالمية بطريقة هادئة وعلمية وواعية وناضجة.
تولي السياسات التربوية المعاصرة مبدأ الثقافة الحاسوبية الاجتماعية
بحيث تكون متماشية مع ثقافة حاسوبية تعليمية شاملة متكاملة.
زرع انفتاحات داخلية واسعة الجوانب بين مختلف الاتجاهات تمارس فيها
الديمقراطية الحقيقية ويتقبل كل تيار أو اتجاه الحد الأدنى من التنازل
من أجل الصالح العام والواقع الراهن والمصير الواحد.
الاهتمام بالأدمغة التربوية ومحاربة هجرتها وكسب رضاها وتوفير الفرص
والحوافز أمامها للعمل وللتطوير. والحث على تنمية الفكر الإبداعي في
التربية من خلال خلق الوسط العلمي وتطوير بيئة البحث (الموارد البشرية،
المادية، التفاعل المهني، التواصل الاجتماعي....)
رصد ميزانية من الدخل القومي والوطني للتطوير التربوي والبحث العلمي
الحقيقي لإنعاش الاقتصاد وتطويره. لان "التربية ثروة واستثمار".
المحافظة على الهوية العربية. فلكل أمة هوية ومهما أصاب هذه الهوية من
تطور في نظراتها الجزئية بما يتلاءم مع قوانين التبدل والتغير فإنها
تبقى الأساس في تحديد النظم الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية
والإنسانية العامة لتلك الأمة، والتربية جزء من أية هوية وفق احتياجات
التلاؤم مع غايات الحياة المقصودة في كل عصر، تعمل مع الوضع الطبيعي
على تأصيل وترسيخ قيم ومثل وأنماط السلوك المحددة.
ظاهرة التكيف
والعولمة:
أثارت انقساماً بين المفكرين والدارسين في العالم. فالبعض يعتبر
العولمة
نعمة
تجلب معها الثروات والنمو الاقتصادي والتطور والحضارة فيما يحذر
الآخرين من أنها
نقمة
تشكل خطراً عظيماً متفاقماً على الاستقرار الاجتماعي والمكاسب والبيئة
الطبيعية. وبين حدود النعمة والنقمة، أي طرفي النقيض للتكيف والعولمة.
وقد برزت مواقف تحاول أن تجمع بين فضائل الاستعجال نحو السوق والانفتاح
وحسنات البناء تحت حماية الحضارة والتراث والصفات الخاصة لكل جماعة
ورأفتها والتوجه نحو الذات والأصول.