العولمة
وعلاقتها بالتربية
ظهرت إعادة الهيكلة الاقتصادية في أواخر السبعينات، وذلك مع تطبيق
السياسات الليبرالية في العديد من الأوطان نتيجة إخفاق إدارات رؤوس
الأموال في تحقيق الأرباح المطلوبة، وقد عكست إعادة الهيكلة الأزمة
المالية الكبيرة التي تمّر بها دول هذه الأوطان، فقد انخفضت الموازنة
في القطاع العام مما نتج عنه انخفاض في رفاهية الدولة، والحاجات
المتزايدة إلى الخدمات الاجتماعية والصحية والإسكانية والتعليمية،
وكذلك تمّ تقليص الأجور الاجتماعية على حساب الأجور الفردية، فأدّى ذلك
إلى ظهور قطاعين في المجتمع: الأول ترعاه الدولة ويقع ضمنها، والثاني
لا يتلقى أية رعاية ويقع خارجها، وهذا يعني إهمالاً للقطاعات السكانية
الكبيرة وخاصة المرأة.
ولقد عكست إعادة
الهيكلة الاقتصادية اتجاهاً عالمياً تميّزه عناصر كثيرة، منها:
1.
العولمة الاقتصادية في بيئة التقسيم الدولي الجديد للعمل والتكامل
الاقتصادي للاقتصاديات العالمية، مثل(انبثاق الأسواق المشتركة والنفقات
التجاري)
2. انبثاق
علاقات متبادلة وتنظيمات بين الأوطان والطبقات والقطاعات الاجتماعية في
كلّ بلد وانبثاق جوانب جديدة أخرى مثل المعلومات والخدمات التي أصبحت
أكثر أهمية من الصناعة في البلدان المتقدمة.
3.
ازدياد خضوع التجارة للإشراف الدولي والتي تعكس القدرة المتزايدة لربط
الأسواق على أسس مباشرة وتحريك رأس المال عبر الحدود الوطنية (حالياً
600 هيئة وطنية متعددة رئيسة تدير 25% من الاقتصاد العالمي، و80%
من التجارة العالمية).
4. هيكلة
سوق العمل ضمن أجور الساعات التي تمّ إبدالها في العديد من المواقع من
خلال دفع تعويضات للمقاولة، وقوى الاتحادات الضعيفة.
5. ازدياد
الفجوة المالية والتقنية والحضارية بن البلدان المتطورة والنامية، مع
الاستثناء الوحيد وهو "البلدان الصناعية الحديثة".
إن العولمة بالنسبة لنا، واقع معقد ومتناقض يختلط فيه الماضي العريق
بالحاضر المتوتر وتتداخل فيه المشاعر القومية بالمشاعر الدينية وعناصر
المادة بعناصر الروح، والولاءات القطرية بالولاءات القومية، ولا تتطابق
فيه حدود السياسة مع حدود الأمة، ولا تستقيم فيه وفرة السكان مع ندرة
الموارد ولا وفرة الموارد مع ندرة السكان.... فما مستقبل الأمة العربية
في القرن الحالي؟