نظرة طويلة المدى
ربما
حان الوقت للنظر إلى التعليم بصورة ثورية جديدة . إن عمر النظام
التربوي الحالي لا يتجاوز ماية وخمسين سنة ، وقد نشأ في الوقت الذي
أخذت فيه الصناعة تضع الدجاج في أقفاص صغيرة وقطعان المواشي في حظائر .
لقد أخذت المدرسة شكل خط الإنتاج ولكن بمخلوقات حية كمواد خام ، ظناً
منها أن البدء بالطير أو الحيوان (أو الطفل) من الخط نفسه ، ومعاملته
بالطريقة نفسها ، وبالرقابة والتحكم نفسيهما ، يكون المنتج
متماثلاً .
إن المدارس تتغير باستمرار إلا أن هدف التغير هو جعلها – كالمصانع –
أكثر تماثلية لا أكثر إنسانية ، ولعلَّ ذلك هو السبب في تركيز جميع
الإصلاحات التربوية المركزية على الامتحانات والمساءلة . وفي أثناء
اهتمام السياسيين بالكلفة والنتائج يحاولون جعل النظام يعمل بصورة أحسن
لا بصورة مختلفة .
ومنذ تم الأخذ بالفكرة
الأصلية التي تقضي بتوزيع الطلبة في صفوف حسب
السن أو القدرة المتوقعة ، نسينا الغاية من المدرسة وكيف يتعلم الناس ،
إن الناس يتعلمون بالممارسة وهي فكرة قديمة ما نزال نسلّم بها ، فكل
شيء نعمله يترك علامته علينا (علّم يعلّم) لكن المشكلة أو الأزمة جاءت
من الفكرة الجديدة المهيمنة على التعليم من البزنس والتي تدعي أن الناس
يتعلمون باكتساب المعلومات .
لقد فشل منحى التعلّم باكتساب المعلومات لأن صم المعلومات أصعب طريقة
للتعلّم والسبب الأكثر شيوعاً للنسيان . إن تعلّم المعلومات لا يضمن
التذكر ومن المؤكد أنه لا يؤدي إلى الحكمة . كما لا يساعد التلاميذ على
تعلّم القراءة والكتابة والرياضيات أو أي شيء آخر ما لم يكن الفهم
مرافقاً لها مما يجعل التكرار أو الحفظ غير ضروري . إن منحى
التعلم باكتساب المعلومات يفترض أن الفهم لا محالة آتٍ أو تابع ، مع أن
العكس هو الصحيح .