إن
الحاجة إلى مزيد من الوقت
مسألة عالمية ، وإن كثيراً من الراشدين
مبتلون بها . ولكنهم يهربون – عادة – من ضغوطها وإن لفترات قصيرة . أما
جون فلا سترة عنده للنجاة منها . إن عليه الذهاب
إلى المدرسة حيث
التخلف عن زملائه مجازفة . وعليه – كذلك – أخذ العمل المدرسي الذي لم
يكمله فيها معه
إلى البيت لإكماله ، مما يقلص وقت اللعب الذي يمكن أن
ينفّس فيه عن غيظه واحتقانه .
إن المدرسة – للأسف – تتوقع من جميع الطلبة والأعمار والقدرات بلوغ
أهداف وأوضاع
اعتباطية في الوقت نفسه. كما تضعهم في إطار علاقات
تنافسية تقسمهم – في النهاية
أو جميعاً – إلى فائزين وخاسرين . أي إلى
وضعٍ قابل للتنبؤ به (سلفاً) . لكن لماذا لا تعطي المدرسة لجون
مزيداً من الوقت ؟
لماذا يكون الوقت المعطى له قليلاً ؟
العذر الأول المتمثل في الإجابة على السؤال الأول يعيد طرح المشكلة :
إن اليوم المدرسي والسنة المدرسية منظمان بدقة فلا يبقى للمدرسة مزيد
من الوقت لإعطائه لجون وأمثاله . إن
إعطاء جون وأمثاله مزيداً من الوقت
في مادة ما يعني تقليصاً لوقت مواد أخرى . يجب أن يتم كل شئ في وقته .
وكما ترون فإن من الصعوبة بمكان العثور على وضع مماثل لهذا الوضع خارج
المدرسة ، فالطائرات تتأخر في الإقلاع والسفن تجنح، والباصات تنحرف عن
الطريق ، والقطارات تتصادم ، ... ، ومع هذا يتغلب نظام النقل على
الصعوبات جميعاًً . والقضاة يتوعكون ، والشهود لا يـأتون ، وملفات
المحامين تضيع ، ومع هذا يظل النظام القضائي يعمل . كما تلغى حفلات
الموسيقى ، وتضرب الأعاصير ، ويفشل
البزنس ، وتهتز الإمبراطوريات ،
ولكن الحياة تستمر . والضحايا
إن لم يحصلوا على المساعدة يحصلون على
العطف والشفقة على الأقل . ولا يعتبرون – بحال – مسؤولين عن سوء حظهم .
إن القول بعدم وجود متسع من الوقت لجون يجعل المشكلة واضحة . جون ليس
هو المشكلة . إن جون ضحية للطريقة التي ينظم فيها نظام التعليم الوقت ،
فلا يبقى وقت كافٍ لجون وأمثاله . ولعل ذلك يشبه حرمان الطلبة من
الهواء ثم لومهم على عدم أخذ نفس عميق .