أما
العذر الثاني لوقت جون المحدود فيأتي من المعايير (Standards)
أو الامتحانات الموحدة أو العامة فنحن نقول : يجب أن يكون لدينا معايير
، لكن ما فائدة المعايير
إذا كان يستحيل على بعض الناس بلوغها ؟ هناك
فرق بين تحديد الهدف العام الذي يمكن لكثير من الطلبة بلوغه ، وبين
مطالبة جميع الأطفال والطلبة بلوغ تلك المعايير في وقت محدد .
والمعلمون والمعلمات مقيّدون
– أيضاً – بالوقت ، فوقتهم مبرمج
بمنهاج مفصّل وموزع باليوم والأسبوع والامتحانات المدرسية . وعليهم
الالتزام به . ولذا فإن من الطبيعي – عند كثير منهم – نقل ضغوط الوقت
عليهم إلى طلبتهم ووالديهم . إن جون مشكلة لمعلمه ، لكن جون ليس سبباً
فيها . السبب هو القيود والضغوط
الاعتباطية التي يفرضها النظام التربوي
على المعلم ويتوقع منه العمل في ظلها .
لطالما قيل أننا لا نستطيع إبقاء الطلبة ينتظرون إلى أن تلتحق بهم قلة
من زملائهم ، لكننا عندما نتوقع أو نطالب بأن يتحرك كل واحد منهم بسرعة
الآخر ، فإن وقوع هذه المشكلة حتمي . وذلك بذكرنا بقواعد الحرب : إن
سرعة القافلة البحرية تحددها السفينة الأبطأ . وفي أثناء القتال يصبح
هجر السفينة الأبطأ أو إغراقها هو الحل
الطارئ . إن البديل المنجي
أو
المفيد قبول وصول بعض السفن للميناء بعد غيرها، والمطلوب – عندئذٍ –
هو المحافظة على سلامتها وإبحاريتها . لكن بالكاد أن يكون هذا النموذج
مقبولاً في التربية والتعليم .
وفي أحيان أخرى يُدّعى أن بعض الطلبة يتخلفون لأنهم كسالى أو منحرفون ،
وأن عليهم أن ينهضوا . نعم إن هذا ممكن ولكن
اعتبار جميع الطلبة
المتأخرين كسالى أو منحرفين ظلم . إنه
اعتبار بجعل حياتهم أصعب . وجون
من لا يعاني من أية أوهام ، إنه يحب اللحاق بالركب .
ويُدّعى – أيضاً – أننا نعيش في عالم شديد التنافس وأن على الطلبة
إجادة متطلباته كجزء من التعلم . ولكن حتى
إذا كان هذا الموقف
قابلاً للدفاع عنه ، فإنه لا ضرورة لتحطيم أرواح التلاميذ ولما ينضجوا
. لقد تبين أن الناس الأقدر على مواجهة نقص الغذاء هم الذي كانوا
شبعانين طيلة حياتهم ، وليس الذين جاعوا بانتظام .
لنفترض – للحظة – أن جميع الطلبة أُعطوا الوقت الكافي والمساعدة
اللازمة لإنجاز المتوقع مدرسياً منهم!
يبدو أن هذا الحل المثال يثير – أحياناً – معارضة كبرى من الجميع :
ليس من الإنصاف إعاقة الطلبة الذين يستطيعون الوصول قبل غيرهم عن
الوصول . لقد صادفت مثل هذا التبرير في جنوب إفريقيا (قبل
الاستقلال) فقد كان الطلبة السود متميزين في كل المواد ما خلا اللغة
الإنجليزية الأكاديمية لأنه لم يكن لديهم وقت كاف لإنهاء واجباتهم
وامتحاناتهم فيها . وعندما قلت للإدارة الجامعية : لماذا لا تعطوهم
وقتاً أطول ؟ أجابوني : إن ذلك ليس من الإنصاف بالنسبة للطلبة البيض .
لكن هذا الجواب لم يكن مفاجئاً لي في بلاد التفرقة العنصرية
(الأبارثيد) فهل يجب أن نواجه بمعارضة مماثلة في أمريكا (وغيرها) ؟
ماذا يعني ذلك كله ؟ إنه يعني أن الوقت في المدرسة قليل ، لأنه محدد
اعتباطاً . لا يحصل جون على وقت أطول لأن الذين وضعوا حدود اليوم
المدرسي لا يعطونه إياه ، ولأنه يتوقع منه إنجاز المطلوب منه في وقت
أقل مما يحتاج إليه ويجند المعلمون والمعلمات والوالدان للمشاركة في
تحمل المسؤولية عن فشل جون . لقد أقنعوهم أن جون يستطيع اللحاق
إذا حاولوا (وجون) ذلك . ويُذاع فشل جون وينشر بين الناس باعتبار
المعلمين والمعلمات والوالدين مسؤولين أيضاً عنه .