ـ " مِنْ أَينَ جئت ؟ " سَألتُهُ .
ـ " مِنْ هُناكَ ، كُنتُ في سِجنِ غَزَّة " أجابَ وَهُو
يَبْتَلِع ريقَه .
ـ وَهلْ دَخَلْتَ الغُرفَ في السِّجنِ ؟
ـ لا ، كُنْتُ في المَسْلَخِ ثلاثَةَ عَشَرَ يَوْماً .
أَرْعَبَتْني كَلِمةُ "
المَسْلَخ
" كما لم يُرعِِبني أي شَيء آخَرَ . أَيْنَ هذا الحُلُمُ الذي
نَنْتَظِرُ ؟ لم أَكُن أشُكَّ لَحْظَةً أنَّ هُناك حُلُماً ،
وَأنّ هُناك مَسْرَباً لَهُ عَبْرَ طَيّاتِ الزّمنِ الآتي .
تَزْعَق "
البُوسطة
" باستْعجال ، وَتَنْشقُّ بَوّابة هائِلِةٌ تَبْتَلِعُ
نَفْسَها إلى جِهتِها الُمنى لِتَدخُلَ في طريقٍ مُستقيمٍ
بَيْنَ سورَينِ لَيْسَ لَهُما فضاءٌ ... تَقْطَعُ المَسافة
دونَ زَمَنٍ ، بَل بِصوتِ
ارتِجاج
يُشْعِرُكَ أنَّ عُمْرَكَ يُقاس بالصوّتِ ، والارِتجاج ،
والدُّوار ، وانغِراس القَيْدِ في يَدَيْكَ وَرِجلَيكَ ....
يَنْشَقُّ
بابٌ آخَرُ على قَطيع منَ الجُرذان الهاربةِ كالنًّفيرِ ،
وَتُلقي بِنَفسِها في " حَوّاشات " القُمامة المُنْتَشِرة ..
تُحِسُ إغلاقَ البّوّابَة وَقَد قَطَعَتْك عَنْ حَبْلِ
الدُّنيا ، وشََمسِ الشّارع ، وارْتِعاشة بَيّاراتِ البُرتقالِ
الّتي كانَتْ تُشِعل فيكَ مَواسِمَ الحَصاد .
المَسْلَخ : مكانُ التحقيق ، وهُوَ لَقَبٌّ يُطْلقُهُ
السُّجناءُ عَلى المَكان لقَسْوَةِ المُحقّقين.
البُوسطة : سَيّارة نَقْل السُجناء.
الارتِجاج : الصّوت العَنيف .
النُّفير : قيامُ عامّة الناسِ لقِتالِ العدُوّ .
1
|
2 |
3
| 4
| 5
| 6
| 7 |
8
|