التحوير
الفني وقضية الزمن في مسرحية
وفي الفصل الثالث: نشهد "مشلينا" في بهو الأعمدة بقصر الملك يهرع نحو "غالياس" سائلاً اياه عن الأميره معتقداً أنها "بريسكا" حبيبته ابنة "دقيانوس" ولكن هذا المؤدب يشفق عليه ويتلطف به ولا يريد أن يصدمه ، ويحمل كل تصرفاته على أنها تصرفات قديس ذاهل برغم قسوة "مشلينا" به ونهرها له . وأخيراً يصرف مشلينا "غالياس" بعد أن يعلم منه أن صاحبته تقرأ للملك في غرفة نومه كعادتها كلما استبد به الأرق ليلاً ، ويظل وحده على أحر من الجمر ، لأنه لا يتصور أن "بريسكا" الطاهره تبقى في مثل هذه الساعة من الليل في غرفة نوم رجل غريب – في زعمه – ثم يظهر "مرنوش" الذي كان مشلينا يتمنى لو كان معه الليله ليعينه على أمره ، والذي كان قد ذهب بالأمس ليرى زوجته وابنه وحمل اليهما بعض الهدايا ، واصطحبه خادم من لدن الملك . ويلتقي "مشلينا" "بمرنوش" والثاني مهدم متهالك ويخبر صاحبه أن ابنه مات ، وأن زوجته ماتت وأن ذالك حدث منذ ثلاثمائة عام وأنه لا أمل له في الحياة . وبعد حوار طويل ومحاولة من مشلينا لاقناعه بالبقاء يقرر "مرنوش" أنه ماضٍ مثل "يمليخا" الى الكهف لأنه انقطعت صلته بالحياة بموت زوجته وولده ، وعدم وجود ما يربطه بالدنيا وبالعصر ، وعلى حين ينصرف "مرنوش" تظهر "بريسكا" عائده من حجرة الملك واذ ترى "مشلينا" تقول : آه ... من هنا ؟ فيستدر "مشلينا" ويقول ها أنت ذي أخيراً "بريسكا" العزيزه . فتتجمد الأميرة ويعقد الخوف لسانها ولكن "مشلينا" لا يزال بها حتى تأنس به قليلاً ويأخذ في عتابها وسؤالها ، لأنها تحمل نفس الاسم ولها نفس الشكل كما تضيع تساؤلاته بما يزيد حنقه ، لأنها تظن به خبلاً . ولكنها تسعد في الوقت نفسه بإعجابه بها ويهفو قلبها اليه. ثم ينكشف سوء التفاهم رويداً رويداً ، حين يخبرها أن ثورته من أجل وجودها في حجرة ذلك الرجل الغريب.
وحين تخبره أن هذا الرجل الغريب انما هو أبوها الملك ، وحين ينكر ذلك لأن أباها انما هو "دقيانوس " تعلم أنه يظنها "بريسكا" التي يريد ! ثم تأخذ في الامتعاض حين تعرف أن الحب والغزل والجنون لم يكن بها وإنما بشبيهتها فتنهره ثم تنصرف، وتتركه يتخبط في أعمدة البهو منادياً "مرنوش" ... يمليخا إنا لا نصلح للحياة . إنا لا نصلح للزمن .. ثم يخرج فيصطدم "بغاليوس" الذي يسأل : ماذا بالقديس ؟ ما بال القديس هائجاً ؟ وهنا تعود "بريسكا" فتدخل في حوار مع مربيها يفهم منه مدى أسفها على ما كان ومدى إعجابها بهذا الرجل ، وتمنيها لو كانت فعلاً حبيبة القديس الطاهر، ثم تذكر مؤدبها بحلمها المعهود الذي ترى فيه نفسها تدفن حية وتتوقع تحقيق ذلك الحلم . وحين لا يفهم المؤدب منها تنهره وتصرفه .. ثم يعود "مشلينا " وتحس به الأميره فتستدير وتسأله لمَ عدت؟ فيطرق ولا يجب وحين تؤكد له أنها ليست "بريسكا" التي يريد وتسأله : أفهمت ؟ يجيب نعم فهمت ولكن لم أستطع البعد عن هذا المكان وتجيبه "بريسكا" بأن ذلك كله من أجل جدتها لا من أجلها ، وتخلع الصليب المعلق في عنقها والذي كان أهداه الى صاحبته منذ ثلاثمائة سنة وترده اليه ، وتخبره أن حبيبته قد مضى عليها من العمر ثلاثة قرون ، أما هي فبنت عشرين ربيعاً . فيودعها ويمضي معتقداً أن مصيبته أشد من مصيبة صاحبيه ، فقد فات زمانهم ، والتاريخ أنزل بهم عقابه ثم ينصرف والأميرة تقول في صوت خافت عميق : " الوداع يا مشلينا" .
|
||||||||||||||||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |