التحوير
الفني وقضية الزمن في مسرحية
قطمير
:
لم يفت الحكيم تمثيل الحيوان إلى جانب الإنسان في
مسرحيته وإجراء التجارب الزمنية عليه. وإن فاته
تصوير نماذج أخرى من كل شيء حي كالنبات مثلاً فلو
جعلنا مشلينا يحتفظ بوردة بين دفتي كتاب، تذكاراً
من حبيبته لكان رمزاً جميلاً، وتجربة فريدة لفعل
الزمن في الزهور أيضاً . ومع هذا فقد مثل الجماد
في ذلك الصليب الذهبي الذي عاش مع مشلينا ودُفِنَ
معه ومع بريسكا الجديدة. أما قطمير – الكلب – فهو حيوان لا يفكر وتتسارع المعاني والعواطف في داخله وإن صرعه الزمن شأنه في ذلك شأن كل شيء حي . ولأن قطمير لا يملك القدرة على الكلام فقد عبر عن أحاسيسه وحواسه تاركاً يمليخا ينقل عنه للأخر.
يقول يمليخا بعد أن ذهب إلى الساحة بصحبة كلبه الوفي : " بل إني سمعت في أثناء هذا نباحاً خافتاً مخنوقاً ، فانتبهت ، فألفيت كلبي قطميرا كذلك قد أحاط به كلاب المدينة وطفقت ترمقه ، وتشمه كأنه حيوان عجيب ! وهو يحاول الخلاص من خناقها ، ولا يجد الى ذلك سبيلاً ، وجرى المسكين أخيراً إلى جدار قريب ووقع تحته إعياءً ورعباً ، والكلاب في أثره ، حتى وقفت منه على قيد خطوة تعيد النظر إليه ، ويريد بعضها الدنو منه لمعاودة شمه فيقصيه الحذر ...! (1) (2)
1) توفيق الحكيم – مسرحية أهل الكهف . 2) جلال العشري – كهف الحكيم – دراسة ونقد ص 221 – 230.
|
|||||||||||||||||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |