التحوير
الفني وقضية الزمن في مسرحية
د. يمليخا : أراد الحكيم أن يرمز له بالبساطة الساذجة والإيمان الفطري ولكن شخصيته جاءت باهتة ومهزوزه : هو أحياناً عاقل ، وأحياناً عاطفي ، وأحياناً أخيرة متدين . يقترب في بعض الظروف من عالم الروح ، ويغوص في ظروف أخرى في عالم المادة ..! إن إيمانه الفجائي واقتناعه السريع أقرب إلى الصدمه والانبهار ، فقد ألهم ولم يستطع أن يجادل ، ورأى النور لأول مره فلم يقدر إلاّ على رؤيته وأن يدرك بالغريزه أنه ليس بظلام . ليست لديه براهين عقلية ، ولكنه يستند الى أحاسيسه ومشاعره التي لا يمكن أن يكذبها فيه أي أحد ، أو يتهاون بها ويسخر منها. ويمليخا راع ترك للشمس والعراء فاكتسب السمره والصفاء فلما جاءه الإيمان ترك نفسه أيضاً بحيث امتزج لون بشرته وقوة إيمانه ، فأصبح من المستحيل الفصل بينهما أو فصلهما عنه ولكن الحكيم لا يكتفي بهذه الصفات في شخص شخصيته ، فيضيف إليها ما هو غريب حقاً ؟ لأنه يضيف ذاته أو يضيف من ذاته .. ونعني تلك الحكمة التي لا يمكن أن تصدر عن راعٍ أو عن إنسان عادي ! لنسمع يمليخا وهو يتحدث حديث الفلاسفة والمفكرين ...
وأستذكر أين رأيت هذه الصورة من قبل ؟ أفي الطفولة ، أم في الأحلام ، أم قبل أن أولد ؟ ولنسمعه أيضاً عندما يعلن الحقيقة لأول مرة ، فقد أحسها بإيمانه وإن لم يستنتجها بعقله ، حقيقة الأعوام الثلاثمائة : ولئن كنتما لا تحسنان بعد الهرم – إني بدأت أحس وقر ثلاثمائة عام ترزح تحتها نفسي . أستودعكما الله هانئين بشباب قلبيكما في حياتكما الجديدة ... !" ويدور هذا الحوار بينه وبين صاحبيه : " يمليخا : ( في صوت باك رهيب ) دعا يمليخا وشأنه أيها الفتيان إن يمليخا عمره ثلاثمائة عام .. " مشلينا : مسكين يا يمليخا ! ونحن إذن ؟ يمليخا : أنتما محبان ... ! "
وهكذا يضعنا
يمليخا
أمام خيار صعب . الحب أم الإيمان ؟ ولكن
يمليخا
يعلن في الوقت نفسه أن الحياة نفسها هي أروع ما في
الحياة ، وأن هذه الحياة الرائعة لا يقهرها غير الموت
، ذلك الحدث المروع برغم أي إيمان . فعندما يسترجع
حكاية جدته التي ذكرت فيها واقعة الراعي الذي نام
شهراً ثم استيقظ وهو يقص على أقربائه أحلاماً غريبة
امتزجت هي والواقع لأنهم قد عاشوها قبل أن يستيقظ .
عاد حنين
يمليخا إلى
الحياة وصاح في صاحبيه فرحاً
ولكن الموت لا يمهله ويختاره ، ليكون أول شهداء الكهف .
|
||||||||||||||||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |