كيف بدت صور تعاطف الشاعر مع نسره – أمته – من خلال
المقطع الأول – الثمانية الأبيات الأولى ـ
؟ وهل تتلمسها في :
الألم والحسرة على واقع النسر – الأمة العربية – الذي
لم يعد بمقدوره التحليق فوق القمم ، بل صار موطنه سفح
الجبل – دون القمة بكثير !!.
والغصة والجرح اللذان أصابا النسر نتيجة ضعفه ، لم
تتقبلهما ذرى الجبال ، وإنما استنكرتهما بصرخات مدوية
تنادي نسرها بالتخلص منهما ، بصوت أشبه ما يكون بلظى
النار !
والطلب إلى النسر – الأمة – أن تترك كبرياءها الزائفة
، التي صارت أقرب إلى ما يتخيله شارب الخمر الثمل ، لا
كمن يراها بعين العقل والبصيرة .
ثم التوجه إلى ذرى الجبال – الأرض العربية – كيما تجمع بقايا مظاهر قوة
النسر – أشلاء الأمة – لتلقيها في وجه
اللحظات المشرقة الماضية من تاريخ النسر والأمة ، لعل هذه الأمة تتذكر
بعض ماضيها ، فتعين النسر والأمة على النهوض ثانية !
وألم الشاعر ، لأن نسره وأمته لم تعد تظهر عليهما علائم العظمة والقوة
في المظهر والمخبر !
عيش الشاعر مع النسر والأمة مشاعر الضياع والذهول ، عندما فقد النسر
موطنه – موقعه على القمة – وهو يحمل في
صدره غصة الوداع للمكان الذي عاش عمره فيه ، ولم يعد قادراً على
الاحتفاظ به – ربما كان في ذلك إشارة إلى فقد سوريا للواء الاسكندرون ،
واستشراف لما سيؤول إليه الحال في فلسطين !
والشاعر ما يزال يرى
صورة النسر – الأمة – وهما ينسحبان من الموقع العالي على القمة ،
ومواكب السحب ما زالت تتوارد على هذه القمة ، رغم غياب النسر – العربي
– عن القمم !
أُلْفَةُ السُّحُبِ للنسر واقفاً فوق القمة ، وكانت حينذاك لا تنفك عن
معانقته ، وتقبيله أيام قوته .
|