بدأ عبد الرحمن بدوي حياته "وجوديا يروّج للفكر الوجودي في الشرق
عبر مؤلفاته وترجماته الكثيرة، ثم انتهى في أخريات أيامه مدافعًا
عن الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم عبر كتابين نالا شهرة ذائعة
وتُرجما لعدة لغات. ومع أن بدوي أثار ضجة كبيرة في كتاباته عن
تاريخ الإلحاد، وعن الشخصيات القلقة في الإسلام، ونشره لشطحات
الصوفية والباطنيين،فإنه ظل متجذرا في الهوية الحضارية الإسلامية،
يصطدم بالمستشرقين وينعتهم بالجهل وسوء النية، |
|
دفع الأحزان "للكندي"
وحال الناس في عبورهم في هذا العالم الفاني حال خداعة، تشبه حال
أشخاص أبحروا في سفينة إلى مكان هو مقامهم. فاقتادهم الملاح إلى
مرفأ ألقى فيه مرساته للتزود بالمؤونة. وخرج الركاب للتزود ببعض
الحاجات. فبعضهم اشترى ما يحتاج إليه وعاد إلى السفينة، وشغل
مكاناً مريحا فيها. والبعض الآخر لبثوا لمشاهدة المروج ذات الأزهار
اليافعة والروائح الطيبة، ووقفوا يستمعون إلى الأطيار، ثم لم
يجاوزوا مكاناً قريباً من السفينة، ثم عادوا إليها بعد أن أشبعوا
حاجاتهم، فوجدوا أيضاً أماكن مريحة فيها.
وفريق ثالث انصرف إلى جمع
الأصداف والأحجار، وعادوا مثقلين بها، فلما عادوا إلى السفينة
وجدوا من سبقوهم قد احتلوا
الأماكن المريحة، فاضطروا إلى شغل أماكن ضيقة، واهتموا بالمحافظة
على الأحجار والأصداف التي جمعوها، مما أوقع الهم في نفوسهم.
|
|
تعتمد الوجودية أساسًا على تعظيم الفردية واعتمادها أساسًا لحياة
الإنسان، وإلغاء أي شيء يحدّ من حرية الإنسان مهما كان، سواء أكان
تجارب السابقين أو نظرياتهم أو حتى الغيبيات، ومبدأهم المشهور
"عش
كأن لا إنسان عاش قبلك، وكأن لا أحد سيعيش بعدك".
والنصف الثاني من
المبدأ يحمل معنى عدم الاهتمام بترك نظريات أو إرساء قواعد، وإنما
هو العيش
فحسب .
|
|