ولنرى
احساس الشاعر بالربيع كما يظهر في البيت الرابع
:
فهنا جمال الربيع يحسه الشاعر إحساساً روحياً ، وإن له ـ فوق ذلك ـ
جمالاً تدركه العين ، فهذا الشجر قد
استعاد
خضرته ، واسترد نضرته ؛ فبدا حالياً بتلك الزينة الطبيعية الجميلة ، في
تناسق وإبداع ، كأنه وشى نسجته يد
صناع .
ولننظر ـ بعد ذلك ـ إلى ما في البيت الخامس من حديث وصور :
ففي الحديث عن الإحلال والإحرام ، نرى صورة غريبة ، ليس لها حظ من
المقام
المحمود بين الشجر كاسياً
وعارياً ، ولا ندري كيف
شط الخيال بشاعرنا هذا الشطط ، فجعل في الإحرام منظراً يقذى العين ،
وإن كثيراً من العيون لتقر به ، وإن كثيراً من القلوب لتهفو إليه ، وما
كان أغنى شاعرنا عن هذه المقابلة ، التي بناها على استعارة متكلفة ،
تنبو عن الذوق
.
ولنختبر تعابير الشاعر في البيت السادس :
ألا تترجم كلمة "
رق
" عما يمازج نفس الشاعر من السرور باعتدال الهواء وانقشاع
عواصف الشتاء ؟
وكذلك تعبيره بكلمة "
النسيم
" فنجدها موائمة للربيع في الرقة واللطف
والعذوبة .
ولنقف بجانب التعبير بكلمة "
نعما
" ألا يوحى هذا القيد بأن أنفاس هؤلاء الأحبة ، أنفاس هادئة ، تنم عن
الأمان
والاطمئنان ، وليست زفترات حارة ، تنبعث عن صدر يعتلج بالهموم ، ويضطرم
بالأحزان ؟
|