ولننظر إلى قول الشاعر في البيت الثالث :
وكأنما كان هذا النوم عميقاً ، يحتاج إلى جهد في الإيقاظ ، وإلى عنف في التنبيه ، فاستخدم الشاعر " يفتق " بصيغة التضعيف ؛ ليحكي شيئاً من هذا الجهد المضاعف المبذول .
وقد نقف أمام " برد الندى " في تعجب وحيرة ، ولعلنا نمعن في التمرد على الشاعر ، وإنكار فنه ، ونقترح تعبيراً آخر ، مثل " قطر الندى " بدل " برد الندى " ، وربما بالغنا في الزهو بهذا التعبير الذي استبدلناه بتعبير الشاعر و ولكن سرعان ما يتبين لنا أن البرد هنا عنصر أصيل في قصة هذا الورد المتفتح ، فنحن نعلم أن الدفء يغري بامتداد النوم ، وأن البرد يوقظ النوام ؛ ولهذا كان " برد الندى " ضرورياً لتنبيه الورد النائم تنبيهاً سريعاً عاجلاً .
فإذا تفتح الورد ، وانبعثت رائحته ، تنفح الجو وتعطره ، وأفصحت أوراقه عن ألوانها الأخاذة الفاتنة ، وتبدل هذا الغيب المحجب . الذي تضل فيه الظنون , واستحال جمالاً سافراً ، يدركه الحس ، وتستمتع به النفس ، فأي تشبيه أبلغ وأجمل من التشبيه بالحديث ، يذيع ويسري بعد طول التحفظ والكتمان ، فتجد فيه النفس الإنسانية ما يطفئ شوقها ، ويغني تطلعها ؟
|
|||||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |