ولننظر
إلى قول الشاعر في البيت الثالث :
وكأنما كان هذا النوم عميقاً ، يحتاج إلى جهد في الإيقاظ ، وإلى عنف في
التنبيه ، فاستخدم الشاعر "
يفتق
"
بصيغة
التضعيف ؛ ليحكي شيئاً من هذا الجهد المضاعف المبذول .
وقد نقف أمام "
برد الندى
" في تعجب وحيرة ، ولعلنا نمعن في التمرد على الشاعر ، وإنكار فنه ،
ونقترح
تعبيراً آخر
، مثل "
قطر الندى
" بدل "
برد الندى
" ، وربما بالغنا في الزهو بهذا التعبير الذي استبدلناه بتعبير الشاعر
و ولكن سرعان ما يتبين لنا أن البرد هنا عنصر أصيل في قصة هذا الورد
المتفتح ، فنحن نعلم أن الدفء يغري بامتداد النوم ، وأن البرد يوقظ
النوام ؛ ولهذا كان "
برد الندى
" ضرورياً لتنبيه الورد النائم تنبيهاً سريعاً عاجلاً .
فإذا تفتح الورد ، وانبعثت رائحته ، تنفح الجو وتعطره
، وأفصحت أوراقه عن ألوانها الأخاذة الفاتنة ، وتبدل
هذا
الغيب
المحجب . الذي تضل فيه الظنون , واستحال جمالاً سافراً
، يدركه الحس ، وتستمتع به النفس ، فأي تشبيه أبلغ
وأجمل من التشبيه بالحديث ، يذيع ويسري بعد طول التحفظ
والكتمان ، فتجد فيه النفس الإنسانية ما يطفئ شوقها ،
ويغني تطلعها ؟
|