وفي البيت الثاني :
ينمو إحساس الشاعر بتلك الحياة الناشطة في الربيع، فيتخيل الأزهار التي تعطر الجو بأريجها كائنات بشرية، كانت بالأمس تغط في نوم عميق، فأيقظها الربيع في غسق الليل، لم يمهلها حتى الصباح؛ لتستقبل النهار منذ البكور، وقد استكملت بهجتها، وأخذت زينتها، فلا يفوتها شيء من جمال النهار وضيائه.
ولننظر إلى تعبير الشاعر " أوائل ورد " لنرى كيف استجابت بواكير الأزهار وأجابت دواعي الربيع سريعة ناشطة، فتنبهت تتطلع إليه ، وترف حواليه، منذ التف بها نسميه ، وطاف بها موكبه .
ولنسأل أنفسنا : لم آثر البحتري كملة " نوم " وكان له عنها مندوحة إلى غيرها ، مما يليق بالأزهار ، وليس شاعرنا ممن يضيقون بالقافية المحكمة ، فيعتسف قافية قلقة نابية ؟ وما أسهل أن نتبين أنها الكلمة الدقيقة المختارة ، أصابت مكانها ، وصادفت موقعها الممهد لها ، فالصورة ـ في إطارها العام ـ زهر كان غافلاً عن جمال الحياة ، نائمة عنه عيونه مطبقة دونه جفونه ، فأيقظه الربيع من رقدته ، نبهه من غفلته .
|
|||||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |