لكم لغتكم ولي لغتي بقلم جبران خليل جبران ( 1 )
لكم من اللغة العربيّة ما شئتم ، ولي منها ما يُوافق أفكاري وعواطفي .
لكم منها الألفاط وترتيبها ، ولي منها ما تُومئ إليه الألفاظ ، ولا تلمسه ، ويصبو إليه الترتيب ، ولا يبلغه .
لكم منها جُثث محنَّطة باردة جامدة ، تحسبونها الكلّ بالكلّ ، ولي منها أجساد لا قيمة لها بذاتها ، بل كل قيمتها بالروح التي تحلُّ فيها .
لكم منها محجَّة مقرَّرة مقصودة ، ولي منها واسطة متقلِّبة لا أستكفي بها إلا إذا أوصلت ما يختبئ في قلبي إلى القلوب ، وما يجول في ضميري إلى الضمائر .
لكم منها قواعدها الحاتمة ، وقوانينها اليابسة المحدودة ، ولي منها نغمة أحوِّل رنّاتها ونبراتها وقراراتها إلى ما تثبته رنَّةٌ في الفكر ، ونبرةٌ في الميل ، وقرارٌ في الحاسة .
لكم منها القواميس ، والمعجمات ، والمطوَّلات ، ولي منها ما غربلته الأذن ، وحفظته الذاكرة من كلام مألوف مأنوس ، تتداوله ألسنة الناس في افراحهم وأحزانهم .
( 2 )
لكم منها العَروض ، والتفاعيل ، والقوافي ، وما يُحشَر فيها من جائز ، وغير جائز ، ولي منها جدول يتسارع مترنِّماً نحو الشاطئ ، فلا يدري ما إذا كان الوزن في الصخور التي تقف في سبيله ، أمِ القافية في أوراق الخريف التي تسير معه .
لكم منها الشعراء الفحول الفطاحل الخناذيذ ، ومن صدَّرهم ، وشطَّرهم ، وخَمَّسهم ، وذيّلهم ، وشرحهم ، ولي منها ما يتمَشَّى مهيبِّاً خجلاً في قلوب الشعراء الذي لم ينظموا بيتاً ، ولم ينثروا سطراً .
|
||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |