دراسات في الأدب - المسرحية العربية (مجنون ليلى) /د. عبد الرحمن ياغي
والخيال الخالق المدرك، ولكن شوقي الشاعر
الغنائي الموهوب كان سوء الحظ لا يملك شيئا
مما تميز به شكسبير من نفاذ البصيرة وتحليق
الخيال، كما أن حصيلته من الثقافة الإنسانية
العامة كانت ضحلة، ولذلك لم يستطع أن يعيد خلق
هذه الأسطورة الأدبية على نحو ما أعاد شكسبير
خلق أسطورة "روميو وجوليت" بل نراه يتقيد في
مسرحيته بالكثير من التفاصيل الآلهة أو
الخرافة التي يرويها صاحب "الأغاني"، حتى
رأينا ناقداً كالأستاذ ادوار حنين يجمع في
إحدى مقالاته التي نشرها في مجلة "المشرق"
البيروتية عددا كبيرا من فقرات الأصفهاني
ويردفها بأبيات شوقي، ليدل على أن شاعرنا لم
يعد صياغة تلك الأخبار والطرائف شعرا، بل أن
مراجعة الأشعار التي تنسب إلى قيس بن الملوح
في الأغاني تمكننا في سهولة من أن نرجع عدة
مقطوعات من مسرحية شوقي إلى المجنون العربي
القديم، وذلك عن طريق الاقتباس المباشر كقصة
المجنون مع الظبية وهي التي مطلعها
رأيت غزالا يرتعي وسط روضة
فقلت أرى ليلى تراءت لنا ظهرا
وكذلك الأمر في عدد من الصور
والمعاني التي ضمنها شوقي مسرحيته أو حورها
إلى أسلوبه الخاص مثل قول المجنون لزوج ليلى
يسأله عنها
بربك هل ضممت إليك ليلى
قبيل الصبح أو قبلت فاها وأغنية جبل التوباد الشهيرة، وهو الجبل الذي كان قيس وليلى يرعيان على سفحه أيام الطفولة الأولى، ففي "الأغاني" وفي المسرحية نعثر على هذين البيتين
واجهشت للتوباد حين
رايته
وكبر للرحمن حين راني
واذرفت دمع العين لما رايته
ونادي بأعلى صوته فدعاني
|
||||||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |