دراسات في الأدب - المسرحية العربية (مجنون ليلى) /د. عبد الرحمن ياغي
ولم يكن شوقي
إذن
في مجال التاريخ عندما عالج هذه القصة، وإنما
كان في مجال القصة الخيالية، أو الأسطورة
الشعبية. وكان باستطاعته أن يطلق لخياله
العنان في تصوير الشخصيات، وإبراز سماتها
النفسية وخصائصها الروحية. كما كان باستطاعته
أن يتصرف في الأحداث التي تكون الحركة
المسرحية تبعا للهدف الذي اختاره، والقيم
الإنسانية التي يريد أن يجلوها في مسرحيته،
وان يحرك بها نفوس القارئين أو المشاهدين
لقد كان شوقي يستطيع – لو
واتته القدرة – أن يخلق في الأدب العربي
الحديث من قصة المجنون وليلى، مسرحية إنسانية
عاتية تشبه (روميو وجوليت) التي خلقها شكسبير
في الأدب الإنجليزي. وموضوع القصتين شديد
الشبه، فكل منها (يدور حول حب فتى لفتاة، ثم
قيام عوائق أمام هذا الحب العارم الذي يسعى
إلى الزواج) وإذا كان شكسبير قد أرجع هذه
العوائق إلى عداوة متآصلة بين أسرتي العاشقين،
فان العوائق في قصة مجنون ليلى تعود إلى عادات
وتقاليد اجتماعية، ليست أقل استبداد بالنفوس
وسيطرة عليها من العداوات التي تقوم بيت
الآسر، بحيث يتسع المجال في الحالتين لذلك
الصراع النفسي العنيف، الذي اتخذ منه شكسبير
سبيلا إلى سبر أعماق النفس البشرية، وإظهار
قواها الخفية العنيفة المتمردة، وبخاصة إذا
ذكرنا أن الدراسات النفسية كانت قد تقدمت في
عصر شوقي تقدما كبيرا، كان باستطاعته أن يفيد
منه، إذا أعوزه الاستبطان الذاتي
|
||||||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |