وربما كان اهتمام شوقي بالوصف والعرض الخارجي،
أكثر من اهتمامه بالتحليل والاستبطان الداخلي،
راجعا لرغبته في أن يمزج بين التمثيل والغناء
وعدم رغبته في التمثيل وحده. ومن هنا لم يطالب
نفسه بهذا التعمق التحليلي الذي يطالب به
مؤلفو المسرحيات الخالصة أنفسهم. وربما كان من
الإنصاف أن ينظر إلى مسرحيات شوقي الشعرية من
هذه الزاوية. وفي هذا الأطر تعتبر مجنون ليلى
حيث يلتقي قيس وصاحبته في دار ورد بعد أن
تزوجت- كارهة ومضحية- من هذا الأخير، وحيث
أتاح "ورد" هذا اللقاء سماحة منه ورحمة
بالمجنون .
وقد كان المؤلف مرفقا حين جعل نصب عينيه – في
كثير من الأحيان – شعر البطل نفسه، فكان يعتمد
على معانيه حينا، كما كان يقتبس بعض نصوصه
حينا آخر (2) مما جعله أكثر تعبيرا عن حقيقة
البطل وواقعه التاريخي والنفسي . بل إن بعض تلك الأشعار الكثيرة التي أجراها شوقي على لسان بطله، قد لعبت دوراً مهماً وأساسياُ في مسار الأحداث، فهي التي حالت دون زواج الحبيبين، وسبب الأزمة، وهي – في الوقت نفسه – التي كسبت للبطل كثيرا من الأعوان والوسطاء، وأهوت إليه القلوب، قلوب شخصيات عديدة في المسرحية، وقلوب آلاف وفيرة من القراء والمشاهدين ، ثم لأن الموضوع عربي، كان إجراء الشعر على السنة الشخصيات أكثر ملاءمة وأقرب إلى الطبيعة .
غير أنه يؤخذ على "مجنون ليلى" أن المؤلف قد اعتمد على بعض الحكايات غير المعقولة، أو التي لا تخدم المسرحية ولا هدفها مثل حكاية احتراق قيس بالنار وهو لاه عن نفسه أثناء حديث له مع ليلى، حتى مست النار لحمه دون أن يحس ومثل قصة رفض قيس أن يطعم من شاة لأنها كانت منزوعة القلب. مثل حكايات كثرة إغمائه وإفاقته، التي تظهره متهافتا ضعيف الشخصية في بعض الأحايين.
|
||||||||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |