هذه هي المسرحية الثانية
التي قدمها شوقي إلى الجمهور بعد عودته إلى
الكتابة للمسرح في الفترة الأخيرة من حياته(1)
وهي أولى مسرحياته التي اتخذت مادتها الأولية من
التاريخ العرب. وقد أدارها حول قصة الشاعر قيس
ابن الملوح وحبه لليلى، هذه القصة التي حفتها
بعض الأساطير، ولكنها كانت وما تزال من أروع
صور هذا الحب العذري الذي اشتهر في بوادي نجد
والحجاز أيام العصر الأموي.
وقد اعتمد المؤلف على أهم
الروايات التي تحكي قصة هذا الشاعر، والتي
يضمها كتاب (أغاني)، والتي تقول إن
قيساً كان يهوى ليلى منذ حداثتيهما وهما
يرعيان غنم الأهل، وإنه أنشد في حبها شعراً
كان السبب فيما بعد في أن رفض أبوها زواج قيس
منها، وذلك علي عادة العرب، في عدم تزويج
الفتاة ممن يشبب بها وكان هذا الحب المبرح
المحروم سببا في ضعف قيس جسميا وعقليا، حتى
هام في بوادي نجد مخبلا، لا ينبه إلا لسماع
اسم ليلى، ولا يجذبه إلا الحديث عنها
وبرغم سعي بعض المشفقين على
قيس لدى أهل ليلى، قد خابت كل محاولة في
التغلب على رفض زواج الحبيبين. ثم زوجت ليلى
لرجل آخر كان قد تقدم إلى أهلها، ولكنها فتئت
تعاني آلام الحب، حتى ضنيت ثم ماتت. كل هذا
وقيس يهيم على وجهه في البادية ولا يجدي شيء
في إرجاع رشده إليه. حتى ما إذا علم بموتها
مات هو الآخر. بعد أن قال في صاحبته وفي حبه
وفي عذابه من أجل هذا الحب، أشعاراً تعد من
أصدق وأرق وأحر ما قيل من شعر في هذه العاطفة
النبيلة
ولم يهمل المؤلف ما يفيد
موضوعه من الأساطير التي نسجت حول هذه القصة،
بل اختار منها ما يرى أنه يصلح للمسرحية، في
روعة مشاهدها ونمو أحداثها، والتعبير عن نفوس
أبطالها. وهكذا مزج بين الأخبار والأساطير،
مختارا من هذه وتلك ما يؤلف مسرحية تاريخية
وشعرية، موضوعها الحب العنيف العفيف واصطدامه
بالتقاليد، وسقوط البطلين شهيدين لهذا الحب،
وبين تلك التقاليد
وكان هدف المؤلف من هذه
المسرحية هو الإشادة بالنبل العربي، والتغني
بسمو العرب وتضحياتهم بحياتهم في سبيل نبيل
العواطف، أو من أجل رعاية التقاليد، كما حدث
لقيس وكما جرى لليلى
وقد قدم شوقي قصة المجنون في
خمسة فصول. ففي الفصل الأول نشهد مجلس سمر
أمام دار ليلى، حيث يتحدث بعض الفتيان
والفتيات عن أخبار السياسة في الحضر والبادية،
ثم يتطرق الحديث إلى قيس، ويروي بعضهم قصته مع
الظبي الذي رآه يشبه ليلى، والذي تعرض له ذئب
فصرعه وأكل بعضه، فرماه قيس بسهم فقتله وبقر
بطنه وأخرج من جوفه ما آكل الظبي ودفنه. ثم
يرجو ابن ذريح ليلى أن تعطف على قيس، فتجيبه
بأنها في حيرة من أمرها بين الحب لقيس والحفاظ
على عرضها الذي مسه تشبيبه... ثم نرى قيسا
يناجي ليلى بعد أن ينفض المجتمعون للسمر،
ويكون قد جاء متعللا بطلب قيس من النار، حتى
إذا ما جادت له بما طلب، دخل معها في نجوى
غرامية يذهل معها عن نفسه حتى تحرق النار بعض
ملابسه وتنفذ إلى لحمه. ثم يأتي المهدي والد
ليلى ويعاتبه على ما كان منه، وينصرف قيس.
|
||||||||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |