النظرة التحليلية والرأي الشخصي
في هذه القصيدة يثور أبو تمام على التقاليد والعادات التي أخذ بها في ذلك العهد وبالأخص على الاستعانة بالمنجمين ويظهر غضبه عليهم ، فهم حسب رأيه ليسوا إلا فرقاً من المزيفين والدجالين، فالتنجيم ليس بالعلم الذي يرتكز على الحقيقة بل هو غش وخداع للناس . المنجمون يوهمون الناس أنهم مطلعون على الغيب وقادرون على التنبؤ بمجريات أحداثه القادمة، لكن أقوالهم لاتنطوي على شيء من الصواب والله وحده القادر على معرفة الغيب محيط بمجريات الأمور، وسوى ذلك كله تخريفات وأكاذيب.
ينتقل الشاعر بعد تسفيه
المنجمين إلى التغني بالفتح ونراه يغالي في
وصف الفتح فيجعل هذا الفتح مميزاً وفريداً من
نوعه لم ولن يكون مثله، ويشيد به حتى أنه يصفه
بأنه فتح الفتوح ، لا يوجد فتح يباريه أو
يجاريه. ويلهب لسانه بعرض وتمثيل الوقعة التي
يقصر الشعر والنثر مجتمعين إيفائها حقها
بالوصف, فقد حققت النفس أمانيها حتى وصلت إلى
أقصى حدود الرضى والشكر . وعقب هذا الفتح ارتفعت
راية الإسلام إلى ذروتها بينما تداعت راية
المشركين منهارة, وعم خير هذا الفتح السماء
والأرض والناس والله وعمت السعادة والنشوه كل
المخلوقات.
صور الشاعر موقع المعركة, فهذا الثغر والحصن الذي كان بالأمس شامخاً متألقاً تداعت عظمته, عم الخراب المدينة بعد أن كانت من أعظم مدن وحصون العالم قاطبة فالساحات أصبحت موحشة, مهدمة يعمها البؤس وتتكدس فيها جثث جنود الروم الخضبه بالدماء, أولئك الجنود لم يقتلوا ظلما وعدواناً بل قتلوا على جورهم واعتدائهم, فقد اعتدوا على حرمة الإسلام وحاولوا تدنيسها لكن الله جزاهم على فعلتهم.
وصف الشاعر القتال بالنار
دون أن يتطرق إلى التفاصيل والأمور الدقيقة,
فهذه النار التهمت كل شيء اعترض طريقها حتى
الذي يتعسر احتراقه ويتمادى في مقارنته بين
الليل والنهار ، النار والدخان فمبالغته في
وصف النار تصل إلى حد تحدق فيه النار بكل شيء
وتبدد الليل الحالك وتجعله نهاراً ساطعاً وهذه
مبالغة واضحة فحصول هذا ضرب من المستحيل فيه
خروج عن نواميس الطبيعة ومألوفها .
|
|||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |