المقطع الخامس: آمال وواقع
ليت السفائن لا تقاضي راكبيها عن سفار
أو ليت أن الأرض كالأفق العريض ، بلا بحار
ما زلت أحسب يا نقود ، أعدكنّ و استزيد ،
ما زلت أنقص ، يا نقود ، بكنّ من مدد اغترابي
ما زلت أوقد بالتماعتكن نافذتي و بابي
في الضفّة الأخرى هناك . فحدثيني يا نقود
متى أعود ، متى أعود ؟
أتراه يأزف ، قبل موتي ، ذلك اليوم السعيد ؟
سأفيق في ذاك الصباح ، و في السماء من السحاب
كسر، وفي النسمات برد مشبع بعطور آب
وأزيح بالثؤباء بقيا من نعاسي كالحجاب
من الحرير ، يشف عما لا يبين وما يبين
عما نسيت وكدت لا أنسى ، وشكّ في يقين
مضامين اللوحة:
يتنمى لو أن المسافر عبر البحر يعفى من دفع أجرة مقابل سفره، ولو أن
الدنيا خلت من البحور - كي لا يغادر المرء من خلالها أرض وطنه – ويعلل
نفسه بأن ما يحصل عليه من نقود يخفض من زمن بقائه غريباً، وأن ما يدخره
منها سيفيد منه في إعمار بيته في الوطن، وهو يسائل النقود عن موعد
عودته إلى بلده، وهل ستتحقق نبوءته بالعودة قبل موته في الغربة. إذ في
صبيحة يوم العودة، يمنى النفس أن يكون ذلك اليوم رطباً مفعماً بالروائح
الزكية التي تحملها نسائم شهر آب البليلة، فيزيل بذلك كل ما علق بجسده
وروحه من أدران الغربة.
هل بدت أمنيات الشاعر من خلال الأبيات عسيرة التحقق أم أنها قابلة
لذلك؟
|