|
هذان النوعان من النظم، اللذان ابتكرهما أهل الأندلس، هما اللذان
أثرا في نشأة الشعر الأوروبي. وأول من قال بهذه النظرية هو "خليان
ريبيرا"
Gulian Ribe
المستشرق الأسباني الكبير الذي عكف على دراسة موسيقى الأغاني
Ls Cantigas الإسبانية
ودواوين الشعراء
"التروبادور"
و"التروفير"
وهم الشعراء الجوالة في العصر الوسيط في أوروبا والمنيسنجر
Minnesanger
وهم شعراء الغرام، فانتهى من دراساته المستفيضة هذه إلى أن الموشح
والزجل هما "المفتاح العجيب الذي
يكشف لنا عن سر تكوين القوالب التي صبت فيها الطرز الشعرية التي
ظهرت في العالم المتحضر أبان العصر الوسيط".
ذلك أن الشعراء التروبادور البروفنساليين الأوائل استخدموا أقدم قوالب
الزجل الأندلسي، كما يظهر في شعر أول شاعر تروبادور بروفنسالي، وهو
"جيوم التاسع"
دوق اكيتانيا، ويعد أيضاً أول شاعر
في اللغات الأوروبية الحديثة، وقد بقي من شعره إحدى عشرة قصيدة، من
بينها خمس كتبت بعد سنة 1102، وتتألف القصيدة منها من فقرات تشبه
في قالبها فقرات الزجل، من حيث تأليفها من ثلاثة أشطار أبيات متحدة
القافية، يتلوها أشطار من قافية واحدة في كل الفقرات، كما نجد هذا
النمط من النظم أيضاً عند شاعرين تروبادوريين قديمين آخرين هما
ثركامون"
Cercamon
و "مركبرو"
Marcabru
اللذان عاشا في النصف الأول من القرن الثاني عشر، ثم انتشر هذا
النمط من النظم في الشعر الشعبي في أوروبا، وفي الشعر الديني الذي
ألفه الأدباء الفرنسيسكان في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، وفي
أغاني الكرنفالات في فيرنتسه في القرن الخامس عشر. |
وأثبت انتقال بحور الشعر الأندلسي فضلاً عن الموسيقى
العربية، إلى أوروبا "عن نفس الطريق
الذي انتقل به الكثير من علوم القدماء وفنونهم ـ لا يُدرَى
كيف ـ من بلاد الإغريق إلى روما، ومن روما إلى بيزنطة، ومن
هذه إلى فارس وبغداد والأندلس، ومن ثم إلى بقية أوروبا"
وفي أسبانيا نفسها ظلت نماذج وأنماط النظم على طريقة
الأزجال العربية يستخدمها الشعراء المتعلمون، مثل
"الفونس الحكيم"
في القرن الثالث
عشر، ورئيس القساوسة
في هيتا
Arcipreste del Hita
في القرن الرابع عشر،
و"فياسندينو" و"خوان دل انثينا"
Villasandinoy Guan del Eneina في القرن الخامس عشر وأوائل
السادس عشر.
|