ولم تعد
المدرسة وحدها المعنيّة بالعمليّة التربويّة، كما لم يعد دور التربويين
في الوزارة ومديريات التربية يقتصر على إصدار لوائح التعليمات والأنظمة
والقوانين ليجري تنفيذها بطريقة آلية، وإنما ارتقى ليتحوّل إلى دور
تطويريّ بالمعنى الحقيقي، لكلّ من الكوادر البشرية، والبيئة المدرسية.
وعلى سبيل المثال، حين تقوم الإدارة العامة للتقنيات التربوية بتزويد
المدارس بمختبرات الحاسوب والمختبرات العلميّة وكتب المكتبات والوسائل
السمعية والبصرية التي تحتاجها، تقوم الإدارة العامة للتدريب، بتأهيل
المعلمين وتطويرهم وتدريبهم على
استخدام وتوظيف هذه المواد والأجهزة ،
بحيث يتواكب ذلك مع المنهاج ويلبي حاجات الطلبة.
وقد أصبح
مفهوم
التعليم الإبداعي
متناغماً مع الظروف التي يعيشها الطلبة والمعلمون ضمن ما هو مُتاح
لديهم، بحيث يتمكّنون من تحقيق أكبر نسبة ممكنة من الأهداف رغماً عن
أية ظروف تواجههم مهما بلغت حدّة قسوتها.
ونحن في
فلسطين، عانينا ولا نزال نعاني، من ثقل الاحتلال، وما يقوم به من
عمليّات متواصلة لتدمير كلّ شيء، خاصّة العمليّة التربويّة بجميع
أبعادها.
وما دفعني
لإعداد هذه المادة، هو إحساسي بالمسؤوليّة الكبيرة، وبأن هناك حاجة
ماسّة ،لأن أضع بين يدي القارئ (أيّاً كان)، ما يعانيه أكثر من ثلث
المجتمع الفلسطيني، وأعني بذلك قطاع الطلبة والمعلمين وجميع العاملين
في المجال التربوي ، في هذه الفترة بالذات، وما يمكن أن نقدّمه جميعنا
من أفكارٍ نفتح بها باب النقاش والحوار من أجل تخفيف العبء عن الطلبة
والمعلمين والعاملين من ناحية، وتحقيق أهمّ ما نطمح إلى تحقيقه من
أهداف، من ناحية أخرى. فالمسؤولية التربوية ، كما ذكرت ، لا تقتصر على
فئة محدّدة، وإنما تشمل المجتمع بأسره.
تركز هذه
الأوراق على دور كلّ من الوزارة والمديرية والمدرسة، وكذلك الأسرة
والمجتمع المحلي . كما أنها تشير بشكل خاص إلى دور كلّ من المعلّم
والطالب، وإلى ضرورة ممارسة الديمقراطية في التربية، و إلى أهمية
امتلاك الطلبة للمهارات القرائية والكتابية في سنّ مبكرة، لتصبح بعد
المران والممارسة، من أهمّ مفاتيح النجاح التي يحلم كلّ الآباء
والأمهات أن يمتلكها أبناؤهم وبناتهم، ليتمكّنوا من صعود عتبات
المستقبل الذي ينتظرهم بخطوات ثابتة، وثقة عميقة.
رجوع