إنّ الدعوة إلى طلب العلم من المهد إلى اللحد، إنما يُقصدُ بها
التثقيف، والتعلّم الذاتي الشامل والدائم، الذي يستمرّ مع الفرد طيلة
حياته. كما يُتيح الاطلاع على المعارف العامّة المتنوّعة لأيّ شعبٍ من
الشعوب، وفي أيّ عصر من العصور. وبخاصّة في هذا العصر الذي يزخرُ
بالحركات العلميّة والفنيّة، ونتاج العلماء والمفكّرين. هذه الثروة
الفكرية الهائلة، هي التي تساعدُ على تكوين الشخصية الناضجة، وخلق
المواطنين الأكفياء، ذوي المستوى الراقي في الوعي، والتفاعل النشط مع
العالم الذي يعيشون في رحابه.
والقراءةُ
إلى جانب ذلك،
تزوّدُ الفرد بالمتعة والتسلية، كما أنها تُثري الحصيلة اللغوية
للقرّاء، وتنمّي، بالتالي، قدرتهم على التعبير بأسلوب جيدّ.
كما أن
ممارسة القراءة الحرة يوميّاً، تُنمّي في القارئ عادة الإقبال على
القراءة بشغف، فتُصبح بالنسبة له هوايةً محبّبةً، يلجأُ إليها كلما
سنحت الفرصة لذلك.
والمواظبة
على القراءة، تُنمّي القدرة على الفهم السريع، كما تجعلُ القارئ قادراً
على التحليل، والنقد، واتخاذ موقفٍ مما يقرأ في ضوء الخبرات التي
اكتسبها من قراءاته السابقة.
أي أنّ للقراءة السابقة تأثيرٌ كبيرٌ على مدى
فهم القارئ لما يتبعها من قراءات. ولذلك قيل
"بقدر ما تُعطي
الكتاب، فالكتاب ُيعطيك".
أما
بالنسبة لدور الوزارات المعنية مثل وزارة التربية والتعليم ، ووزارة
الثقافة في هذا المجال، فأودّ أن أشير إلى مايلي:
1.
على
وزارة التربية والتعليم القيام بإنشاء إدارة عامة للتقنيات التربوية،
تتضمّن قسماً خاصّاً بالمكتبات المدرسية. ومن أهمّ نشاطاته: إنشاءُ
المكتبات المدرسية، وتزويدها بالأثاث اللازم إضافة إلى الكتب والمراجع.
وكذلك إعدادُ أمناء مكتبات، بعضهم متفرغون كلياً، والبعض الآخر جزئياً،
حسب ظروف المدارس المختلفة. كما قامت بعقد ورشات عمل حول تفعيل القراءة
لدى الطلبة، في الوزارة وفي جميع المديريات، إضافة إلى معارض الكتب.
إلا أننا لا نزال في البداية، حيث أن الأمر يحتاج إلى كثير من التوعية
بأهميّة القراءة، وإلى إثراء المكتبات المدرسية بالمزيد من الكتب.
2. وأن
تتوثّق العلاقة بين وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة، واتحاد
الكتّاب. وذلك باستيعاب الكتب المناسبة للطلبة مما يُنتجهُ الأدباءُ
المحليّون، إلى جانب الكتب والمراجع الأخرى، وبتشجيع الكتّاب على
التأليف في جميع المستويات التي تُناسبُ الطلبة.
3.
وأن تستمر
وزارةُ الثقافة بإنشاء المزيد من المراكز الثقافية والمكتبات العامة،
بالتعاون مع البلديات ومجالس القرى، وبإثرائها بالكتب المناسبة لجميع
الأعمار، بحيث تُغطّي جميع المدن والقرى والتجمّعات السكّانيّة
النائية. وبأن تُستغَلّ المكتبات المتنقّلة من أجل ذلك.
4.
ويوصى
بإلغاء الضريبة على كتب المكتبات إن وجدت ، لتتمكّن المدارسُ من اقتناء
المزيد منها، ولكي يتمكّن الأهالي والطلبة أنفسهم من اقتنائها في
مكتباتهم المنزلية.
بهذا نكونُ
قد هيّأنا المناخ الملائم للقراءة، في البيت أوّلاً، ثم في المدرسة
والمكتبات
العامّة،
ممّا يجعلنا شعباً قارئاً، أسوة بغيرنا من الشعوب المتقدّمة.
رجوع