علم نفسك بنفسك

 

ويعلّق الأستاذ ميترا على تجربته فيقول : من الملاحظ – اجتماعياً – أن كل أب يقول لك : أن طفله علّم نفسه بنفسه على الكمبيوتر . وقلما شذ أب أو أم عن هذه القاعدة ، وأن طفلهما عبقري كمبيوتر ويضيف : وعندما أقحمت نفسي في هذا الأمر وجدت أن الطفل – أي طفل – يتعامل مع الكمبيوتر على نحو لا يستطيع والداه أن يفهماه.  فسألت نفسي : هل ما يقوم به الطفل استثنائي حقاً أم أن ما يحدث ناجم عن عجز في فهم الوالدين واليافعين ؟  وعندئذ أدركت أن أساليب التعليم التي تستخدم مع الأطفال لا تنفع في تعليم اليافعين . ثم قمت بفحص أفكاري مع أطفال في متناول اليد . أطفال يعمل آباؤهم في إدارة المعهد العليا ، فوجدت أن الأساليب الملائمة لتعليم الأطفال تختلف عن الأساليب الملائمة لتعليم اليافعين . 

 

وأخيراً لجأت إلى مفهوم "الثقب أو الخزق في الجدار" حيث وضعت فيه كمبيوتراً فائق السرعة موصولاً بالإنترنت تاركاً لأطفال الساحة الفقراء حرية التعامل معه دون رقابة أو ارشاد أوشرح أو تفسير من أي درجة أو شكل .  وبإيجاز شديد كانت النتائج متماثلة في كل مرة أعدت فيها التجربة : يتعلّم الأطفال أبجدية الكمبيوتر فوراً ، وأعني بأبجدية الكمبيوتر (Computer Literacy) ما يعنيه الراشدون بها وهي: القدرة على استخدام الفارة (Mouse) للتأشير (Point) والإزاحة (Drag) والإسقاط (Drop) والنسخ (Copy) ، وتصفح الإنترنت (Browse) . غير أن المثير للإنتباه استنباط الأطفال لمصطلحات أو أسماء خاصة بهم من عندهم ، فعندما سأل صحفي أحد الأطفال : كيف تعرف هذا المقدار الكبير عن الكمبيوتر ؟  كان جواب الطفل غريباً جداً : ما الكمبيوتر ؟ عن أي شيء تتكلم ؟ لكن من يهمه معرفة الأطفال لإسم الكمبيوتر والفارة أو عدم معرفتهما . لكننا – في المدارس – نضيع الوقت في تعليم الأطفال هذه اللغة التي لا معنى لها عندهم . 

(لا يعني ذلك أنه لا ضرورة لمعرفة الأطفال للغة الكمبيوتر بل يعني عدم جعلها عائقاً للتعلّم) .

 

وأضاف د. ميترا : كما وجدت أن الأطفال يمكن أن يصلوا إلى هضبة التعلّم وركب موجات الشبكة ، أو إلى موقع ديزني الذي يستهويهم لما فيه من ألعاب .  كما قد يستخدمون دهانات (ألوان) مايكروسوفت المحبوبة منهم جميعاً ، ربما لأنهم أطفال محرومون لا يملكون الورق والألوان .  إن كل طفل يحب أن يرسم ،  فيرسم من خلال البرنامج ، وهو كل ما أمكنهم فعله ، مما جعلني أتدخل وأجعل الكمبيوتر يُصدر الموسيقى.  وقد اندهشوا لسماعهم لها – لأول مرة – تأتي من الكمبيوتر .   قالوا : هل يعمل كتلفزيون أم راديو ؟ قلت لهم – منسجماً مع منحاي في التعليم الأقل تدخلاً – : حسناً . أنتم أعرف مني كيف يفعل ذلك ولكنني لا أعرف كيف يشتغل ، ثم تركتهم .

 

 وكما – توقعت – وبعد سبعة أيام فقط –تمكنوا من تعليمي أشياء غير قليلة عن برنامج الموسيقى والأغاني (MP3) ، واكتشفوا ما هو ، فصاروا ينسخون الأغاني ويستمعون إليها مجاناً ، ويشغلونه على أغانيهم المفضلة .  وكالعادة لم يعرفوا أي شيء عن الأسماء والمصطلحات (اللغة الكمبيوترية) المتداولة . لكنهم كانوا يقولون : إذا أخذت هذا الصندوق الصغير وجررت هذا (الملف) إليه فإنه يعمل موسيقى . كما اكتشفوا أين توجد الموسيقى والأغاني الهندية على الشبكة وقد (سحبوها) منها (Pulled) .