إن
الحفاظ على الصحة النفسية لأفراد المجتمع يكتسب أهمية بالغة، لأن سلامة
المجتمع وتقدمه ونموه يتوقف على ما يحققه أفراده من نمو نفسي سليم
يجعلهم قادرين على العطاء والإنتاج من جهة، كما يحقق الأمن الاجتماعي
بين فئات المجتمع المختلفة مما يجعل المجتمع قادراً على الاستمرار
ومواجهة التحديات المختلفة التي يواجهها.
إن
حماية أفراد المجتمع من التعرض للإحباطات والصراعات النفسية ومصادر
القلق النفسي المختلفة يهتم بها المخطط الاجتماعي في كل مجتمع يريد أن
يحقق لأبنائه التماسك والنمو والتقدم.
إن
الخدمات الاجتماعية والتربوية والصحية والإعلامية والثقافية كلها في
نهاية المطاف ينبغي أن تحقق لأفراد المجتمع النمو النفسي السوي الذي
يساعد كل فرد على إنماء شخصية متكاملة قادرة على مواجهة مطالب الحياة
وإشباع الحاجات الأساسية بيسر دون التعرض لصعوبات قاهرة تجعل الفرد
عرضة للمعاناة من الإحباط والصراع بحيث يضطر إلى سلوك سبل غير سوية حتى
يستطيع أن يحقق العيش. وهذا يولد آثاراً سيئة ليس على الأفراد الذين
يعانون من هذه الصعوبات والمشكلات بل على المجتمع بكامله، لأن السلوك
المنحرف الذي يضطر إلى إتباعه بعض أفراد المجتمع سواء كان جنوحاً أم
إجرامياً فإنه يمس سلامة المجتمع وأمنه ويكبد المجتمع نفقات مادية
ومعنوية كبيرة لمواجهة هذه الحالات. بالإضافة إلى الآثار النفسية
والاجتماعية التي يعاني منها المصاب على المستوى الفردي أو المستوى
العائلي.
ولهذه
الأسباب جميعاً فإن الاهتمام بصحة المجتمع النفسية يعتبر هدفاً
استراتيجياً تسعى الدول إلى بلوغه بكل الوسائل المتاحة لها.
إن
مرحلة الشباب مرحلة انتقال بين الطفولة والرشد، وهي مرحلة تتميز بأنها
دقيقة وحرجة إذ تجتاح الشاب تغيرات تستثير لديه مشاعر جديدة لم يعهدها
من قبل. كما أن التغيرات الجسمية تجعله يواجه صعوبات في التكيف
والاتساق الحركي، وهذه التغيرات الجسمية تؤدي إلى نفور المراهق بذاته
وخجله من بعض المظاهر.
إن
النمو العقلي يستمر خلال فترة الشباب كما تتمايز القدرات العقلية مثل
القدرة اللغوية والقدرة العددية والقدرة المكانية... إلخ. وإن هذا
التمايز يجعل مسألة الفروق الفردية بين الشباب أكثر حدة، مما يدعونا
كمربيين أن نهتم بملاحظة هذه الفروق والتي تظهر من خلال التحصيل
الدراسي بوجه خاص وأن نضع في الاعتبار أن لدى كل شاب نوعاً معيناً من
القدرات العقلية التي تجعله يتفوق على غيره فيها وعلى المربيين أن
يشجعوا ميول الطلبة وهواياتهم حتى يعبروا عنها بصورة ابتكارية تسمح لهم
باستثمار طاقاتهم العقلية إلى أقصى حد ممكن.
أما من
الناحية الانفعالية فإن الشاب يمر بمرحلة انتقالية متميزة، إذ أن
الإفرازات الداخلية لبعض الغدد الصماء وما تحدثه من تغيرات كيماوية
تؤدي إلى ظهور بعض أشكال السلوك الانفعالي التي تختلف عن مرحلة الطفولة
فالشاب تتسم انفعالاته بالعنف والشدة. وهو لا يستطيع في معظم الأحوال
أن يتحكم بانفعالاته. فهو يصرخ ويبكي ويقذف الأشياء بعنف عند الغضب،
كما أنه يقفز في الهواء صارخاً منفجراً من الضحك في حالات السرور، وذلك
يشير إلى عدم قدرته على الاتزان الانفعالي.