فأجاب " عمر
المختار " :
ـ لا يمكنني أن أفعل ذلك . إننا , نحن المجاهدين ,
أقسمنا أن نموت جميعاً , الواحد بعد الآخر , ولا نلقي السلاح .
ثم عرض " غراتسياني "
على " عمر المختار " نظارة كان الجند قد عثروا عليها في إحدى المعارك
السابقة , وسأله :
ـ هل تعرف هذه النظارة ؟
ـ نعم ! إنها لي , وقد وقعت مني في معركة " وادي
السانية " .
ـ منذ ذلك اليوم , وأنا أعتقد بأنك ستقع أسيراً بين
يدي !
ـ مكتوب !
ـ حسناً , أنت تعتبر نفسك محمياً من الله , وتحارب
من أجل قضية مقدسة وعادلة .
ـ لا شك .
ـ أليس من العجيب أن يقع أسيراً من كان يُعتبر أسطورة
, وأنه لا يغلب أبداً , وأنه المحمي من الله ! ؟
أجاب " عمر المختار " بصوت ـ كما وصفه " غراتسياني " ـ
يدل على القوة والعزم :
ـ تلك مشيئة الله .
ـ لقد اعتقدت أنك كنت دائماً قوياً , وإني أتمنى أن
تكون كذلك مهما حدث لك , ومهما تكن الظروف !
ـ إن شاء الله .
ويقول " الجنرال
غراتسياني " مختتماً حديثه عن ذلك اللقاء التاريخي بينه وبين " عمر
المختار" :
" وعندما وقف ليتهيأ للانصراف , كان جبينه وضاء , كأن
هالة من نور تحيط به , فارتعش قلبي لجلال الموقف , وأنا الذي خاض معارك
الحروب العالمية , والصحراوية , ولقبت بأسد الصحراء , ورغم هذا فقد كانت
شفتاي ترتعشان , ولم أستطع أن أنبس بحرف واحد .
روى " الجنرال غراتسياني " الحوار الذي
دار بينه وبين عمر المختار في كتابه " برقة
هادئة ". |
|