من يقرأ رواية اللص والكلاب ، يجد أن الكاتب وظف فيه من حيث البنية الفنية كثيراً من الأساليب التي تشيع في الروايات التي تنتمي إلى مذهب الواقعية......
لقد بدأ الحدث الرئيسي عند خروج سعيد مهران من السجن ، ثم أخذت الأحداث والصراعات بين شخوص الرواية : سعيد مهران ، عليش سدرة – رؤوف علوان ، نبوية ، المخبرون والبوليس ، تتشابك تشابكاً منطقياً، وتسير الأحداث سيراً طبيعياً يجعل القارىء يظن أن الأحداث وارتباطها بعضها ببعض وتطورها ونماءها ، وكأن الأحداث تقع أمام ناظريه متسلسلة آخذ بعضها برقاب بعض، دون أن يشعر بأي افتعال أو تهويل أو إضافات غير منطقية ، وتتأزم المواقف وتصطدم الرغبات لتقود إلى نهاية طبيعية ارتبطت فيها النتائج بالأسباب وصولاً إلى أشد المواقف تأزما ، ثم انتهاء بنقطة التنوير التي هي خاتمة الشقي سعيد !
لقد ساهم في بناء حبكة الرواية – الأحداث والشخوص والأزمات والزمان والأمكنة ، واحتدام المواقف وصولا إلى نقطة التنوير – ساهم في بناء هذه الحبكة ، الأساليب المختلفة التي استخدمها الكاتب من مثل أسلوب السرد، وأسلوب المنولوج الداخلي ، واستخدام تيار الوعي ، والوصف الذي يرقى إلى أسلوب الشعر أحياناً ، ثم استخدام أسلوب الـ Flash back ، القطع الزماني والمكاني ، ولم يستغن عن أسلوب الحوار الذكي ، وانطاق الشخوص بما يتطابق مع ثقافتهم ومستواهم الاجتماعي 0 حتى يخال أي قارىء يقرأ الرواية أنه قادر على عمل مثلها!
الارتباط بين نتيجة – خاتمة – اللص و الكلاب – و الصراع بين أطرافها – شخصها – تدعى النهاية في القصة القصيرة و الراواية نقطة التنوير . وهي إحدى تقنيات بناء الرواية , وهي جزء هام من حبكة الرواية , وما دام نجيب محفوظ لم يلجأ إلى النهاية المفتوحة , التي يترك للقارىء أن يتصور النهاية كما يراه القارىء . ولكنه لجأ إلى النهاية الواضحة , وكانت الاستسلام لرجل الشرطة بعد ان فقد سعيد كل وسائل المقاومة .
لقد تدرجت احداث الرواية , وتسلسلت تسلسلاً منطقياً , بحيث قادت في النهاية بما كان أوصى به الكاتب في بداية الرواية , وهي عودته إلى بيت زوجته السابقة وزوجها, مستعللاً بزيارة ابنته , ومنذ لحظة خروجه بدأ سعيد مهران بعد العدة بقتل الاثنين , ولم تفتر همته على مدار الرواية عن تنفيذ ما صمم عليه , بل كانت كل الأحداث وكلما تأزمت هي هاجسه ، إذ بعد أن قتل رجلا ظنه زوج امرأته خطأ ، ظل سادراً في غيه نحو الزوج والزوجة. كانت هذه الأحداث توحي بأن ( سعيد ) ، إما أن يقتل أو يقبض عليه . ثم يدلل الكاتب على أن الحكم قد صدر عليه منذ عودته إلى بيت زوج زوجته السابقة . يضيف إلى قائمة المطلوب قتلهم على قائمة سعيد ، اسم رؤوف علوان 0 ويطارده ويحاول قتله ، لكنه يقتل حارسه، ومع ذلك لم تفتر همته نحو قتل الثلاثة، حتى لقد رأى الكاتب، أن سعيد يريد أن يموت موتا له معنى وهذا يعني أنه إذ قتل الثلاثة فسيتحقق له ذلك ، أي الموت .
فماذا ينتظر رجلاً ( لصاً ) وقاتلا غير الموت أو على الأقل إلقاء القبض عليه إثر معركة غير متكافئة تدور بينه وبين رجال الشرطة !!
|
||||||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |