اتسم الجانب الفني في عرض الرواية بالاتكاء على الراوي – الكاتب – بطريقة ملفتة للنظر . ومن يقرأ الرواية، يُلاحظ أن أسلوب الحوار قد كاد يختفي منها . فبماذا استعان الكاتب على نقل المواقف وتصوير الأحداث وصراع الشخوص . لقد ساعد الكاتب في ذلك عدة أمور :
1.
اعتماده على ذخيرته من علم النفس ، حيث كان في معظم المواقف محللاً لنفسية
أبطاله الرئيسيين والعاديين ، ويقدم ما يريدون قوله عن هذا الطريق .
2.
اعتمد على أسلوب تيار الوعي Stream of Consciousness ، والذي يختلط فيه
الوعي باللاوعي ، وتمتزج فيه أطياف الماضي بما يحدث في الحاضر ، ويختلط فيه
المنولوج الداخلي مع مادية ما يحيط بالشخص من أحداث .
3. لجأ
إلى أسلوب القطع المكاني والزماني ، بحيث يجمد الزمن والمكان أو يثبتهما ،
ويعود إلى زمان ومكان ماضيين ، أو إلى استشراف ما قد يحدث في المستقبل .
4.
استعمل أسلوب الرسائل ، عندما كان يرى أن هذا الأسلوب ملائم أكثر من غيره .
5.
ولا شك أن معارف فلوبير العلمية والطبية والفلسفية والدينية والاجتماعية
والفنية ، ساعدته في عرض شخوصه وفق مستوياتهم الثقافية والعلمية . 6. وأخيراً وليس آخراً ، فقد كانت معارفه اللغوية العميقة سبباً في إخراج هذه الرواية القصيدة !
تنتمي كلتا الروايتين إلى المدرسة الواقعية في الأدب الحديث .
كلتا
الروايتين بدأ الحدث فيهما عند نقطة معينة ، كانت في رواية محفوظ خروج سعيد
مهران من السجن ، أما الثانية مدام بوفاري ، فقد بدأ الحدث فيها يوم زواج
إيما من شارل بوفاري وفي كلتا الروايتين ، كان البطل الرئيس مأزوماً ،
فسعيد مهران مأزوم لوشاية عليش عنه . وسجنه أربع سنوات ، ويحاول أن ينتقم
منه ومن زوجته السابقة نبوية ، ويضيف لهما رؤوف علوان رئيس تحرير جريدة
الزهراء . أما إيما فهي مأزومة أيضاً . غير راضية عن واقعها ، تسعى وراء اللذات الحسية ، متناقضة ومريضة نفسياً ، لكنها تسعى للانتقام من زوجها، الذي وفر لها كل ما يستطيع توفيره من رغد العيش ، وأطاعها طاعة عمياء ، وأولاها ثقة مطلقة .
وكذلك نهاية الروايتين تكاد تكون واحدة ، فسعيد سيذهب الى حبل المشنقة، وإيما وضعت بيدها حداً لحياتها غير السعيدة أما الأصوات الروائية، فقد اختلفت في الروايتين حيث اقتصر على شخوص من قاع المدينة. لصوص وبنات هوى في رواية نجيب محفوظ. بينما اتسعت الأصوات الروائية في مدام بوفاري لتشمل أبناء وبنات من كل الطبقات والبيئات ومن مختلف الثقافات، مزارعون، إقطاعيون، حاملو ألقاب حكومية رفيعة، رهبان وقساوسة ومرابون، وعمال وموظفون وأطباء وصيادلة وفانون وغيرهم وكان من الطبيعي أن يختلف الصراع في رواية فلوبير تبعاً لاختلاف الطبقات والثقافات.
كما اختلفت طرائق العرض في رواية نجيب محفوظ ، إذ كان دور الحوار فيها هو الغلب ، مع شيء من التحليل النفسي ، وقليل من دور الراوي في سرد الأحداث . وخلت من استعمال أسلوب الرسائل !
|
|||||||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |