أسواقُ العَرَب
يحملُ إلى هذه السوق التهاميّ والحجازيُّ والنَجديُّ والعراقيُّ واليماميُّ واليمنيُّ والعُمانيُّ كلِّ ألفاظ حيِّه ولغةِ قطره ، فما تزال عُكاظ بهذه اللهجات نخلاً واصطفاءُ حتى يتبقّى الأنسبُ الأرشقُ ، ويُطَّرَحُ الجفو الثَقيلُ.
وهي السوقُ التجاريةُ الكبرى لِعامةِ أهل الجزيرةِ ، يحملُ إليها كلُّ بلدٍ تجارته وصناعَته كما يَحملُ إليها أَدَبَه، تُباعُ فيها زيوتُ الشامِ وزَبيبُها وسلاحُها مما اعتادتْ قُريشٌ أن تحمِلهُ في قفولها إلى مكة.
وهي معرِضٌ لكثيرٍ من عاداتِ العَرب وأحوالهم الاجتماعيةِ، ففيها يَخطبُ الناسَ خطباؤهم، ويفتخرُ شُعَراؤهم ، وفيها تُعقَدْ المسابقاتُ يحكِّمها رجالاتُ قُريش .
وهي ندوةٌ سياسيةٌ تُقضى فيها أمورٌ كثيرةٌ بين القبائلِ ، أو تُعلَن بَينهما الحروب .
وكانَتْ هذه السُوقُ تَقومُ عِندَ العَربِ ، يَومَئذٍ ، مقامَ وسائلِ الإعلامِ الرسميةِ في أيامنا ، فَمَنْ كانتْ لَهُ إتاوة على قبيلة نَزَل عُكاظَ فجاؤوهُ بها ، ومن أرادَ تخليدَ حيِّهِ رَحَلَ إلى عُكاظ وخلّدَهُ فيها شِعراً ، ومن أرادَ إعلانَ حرب على قومٍ أعلنها في عُكاظ . لذلك كانتْ هذه السوقُ شاهداً على أهمِ أحداثِ العربِ في بيعهم وشرائهم وتخاصُمهم وتفاخِرهم وحروبهم وسلمهم .
وكذلك كانت سوقُ "مَجنّةٍ" التي تقع في موضعٍ قريبٍ من مكةَ يقصدُ إليها العَربُ بعدَ أن تنفضَّ سوقُ عُكاظ، يتممون فيها ما قصدوا إليه من تجارة وفداء وتفاخُر ، ويُجلبُ إليها ما يُجلبُ إلى تلك من متاعٍ وعروض .
وسُوقُ "ذو المجاز" التي تقعُ على بُعدِ فرسخٍ من عرفة ، سميت بذلك لأن إجازة الحاجِّ كانت منها . وهي من الأسواقِ الكُبرى تتقاطرُ إليها وفودُ الحجاجِ من العربِ من سوقِ "مجنّة" ، وهي تلي سوق عكاظ في الشأن ، ويجري فيها ما يجري في عُكاظ من تبايع وتناشُدٍ وتفاخُرٍ وفداءِ أسرى وطلبِ ثأرٍ .
|
||||||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |