أتعلمين أيَّ حزنٍ يبعثُ المطر؟
وكيف تنشجُ المزاريبُ إذا انهمر؟
وكيف يشعرُ الوحيدُ فيه بالضياع؟
بلا انتهاء_ كالدمِ المُراق، كالجياع كالحبّ كالأطفالِ كالموتى –هو
المطر
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وعبرَ أمواجِ الخليجِ تمسحُ البروق
سواحلَ العراقِ
بالنجومِ والمحار،
كأنها تهمُّ بالشروق
فيسحبُ الليلُ عليها من دمٍ دثار
أصيحُ بالخيلج:
"يا خليج
يا واهبَ اللؤلؤ والمحارِ والردى"
فيرجع الصدى كأنّهُ النشيج:
"يا خليج: يا واهب المحار والردى"
|
أنشودة المطر
جو النص
تتوّحد المحبوبة مع الطبيعة لتصبح هي المحبوبة أو
هي الطبيعة ,وهكذا تتابع الصور عند بدر شاكرالسياب ,ويعود إلى المطر
وإلى نشيج المزاريب .
..... وتنعكس الصورة الحزينة حين ينقلب رمز الخيرو العطاء إلى دم مراق
,وموتى ,أطفال جياع
فيسحبُ الليلُ عليها من دمٍ دثار ...
للدم في هذه العبارة دلالة مجازية على
المجازر وعلى الصراع الدموي والموت والهلاك.
ينقلنا
السياب فجأة الى سخونة قصيدته:
على ضفتى الخليج الشرقية والغربية ظهرت حضارتان
قديمتان في بلاد فارس وبلاد العرب، وفي قاعة ترقد المحارات التي تحتضن
اللآلىء يغوص اليها الغواصون بحثا عن الدر المكنون، وفوق سطح مياهه
ترتضع صواري السفن المسافرة الى شواطئ بعيدة للتجارة، والى سواحله رست
سفن الغزاة الطامعين في استغلال موقعه الاستراتيجي في طريق الحرير،
وثرواته التى تضخمت فجأة بعد ظهور النفط.
أصبح
الخليج واهب النفط بدلا من اللؤلؤ.
ولان النفط عصب الحضارة المادية المعاصرة، شهد
الخليج العديد من المؤامرات التي تستهدف استنزاف ثرواته بطريقة غير
عادلة، وشهد اكثر من حرب تذرعت بدواع واهية.
.. وهكذا،
يصبح الخليج واهبا للنفط والموت معا
.
|