المُربي المرحوم : خليل السكاكيني
3- من خصائص اللغة العربية أيضاً ترادف ألفاظ كثيرة على المعنى الواحد ، وهذه المترادفات تختلف رقة وجزالة ، والبلاغة تقتضي أن نستعمل اللفظ الرقيق في موضعه ، واللفظ الجزل في موضعه .
إذا تأملنا هذه القصيدة نجد أن الشاعر أحسن اختيار ألفاظه ، القصيدة حماسية فالالفاظ الجزلة أنسب لها من الألفاظ الرقيقة ، من ذاك لفظة هزبر فإنها أنسب من لفظة ليث ، نعم اضطر الشاعر إلى استعمال لفظة ليث ، ولكنه عالج رقتها بالتنوين ، ومع ما اكسبها التنوين من جزالة لم يكتف الشاعر بها بل أردفها بقوله : هزبراً أغلباً لاقى هزبراً
ومن ذلك لفظة شهدت من قوله "أفاطم لو شهدت ببطنِ خَبْتٍ" ، فإنها أنسب من لفظة رأيت .
ومن ذلك لفظة تقاعس من قوله "تبهنس إذ تقاعس عنه مهري" ، فإنها أنسب من لفظة تأخّر .
ومن ذلك لفظة خرّ من قوله "فخر مضرجاً بدم" فإنها أنسب من لفظة سقط .
ومن ذلك لفظة مشمخر من قوله "هدمت به بناء مشمخراً" ، فإنها أنسب من لفظة مرتفع ، أو عالٍ .
4- من خصائص اللغة العربية أيضاً أن كثيراً من ألفاظها لو قابلتها بمثلها في لغات أخرى لظهر لك أنها أنسب للمعنى وأدل عليه ، بعض هذه الألفاظ تقصد به حكاية الصوت نحو شقَّ الثوب ، مصَّ الشراب ، شمَّ الطيب ، فرَّ الطائر ، وبعضها تقصد به حكاية الحركة نحو طار العصفور ، غاص الحوت ، سال الماء .
فإذا أخذتم قوله في هذه القصيدة "خر مضرجاً" ، وجدتم أن لفظة خرّ تكاد تدل على معناها بنفسها لأنها تحكي صوت سقوط الشيء من عالٍ في تتابع .
|
|||||||||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |