درس
تطبيقي في النصوص الأدبية للمرحلة الثانوية
وكما اختلف المتعلمون في أوروبا هذا الاختلاف الذي شرحته اختلفوا كذلك في مسلكهم بعد عودتهم إلى بلادهم .
فمنهم الذي عاد إلى بلاده يشيد بمجال اللهو في أُوروبا ويفيض في وصف مغامراته ، ومنهم من عاد وكأنه لم يخرج من بلده . إلا علماً حصله أو شهادة نالها ، أما نظرته إلى الحياة وانسجامه مع الحياة الأولى التي كان يحياها قبل سفره فلم يتغير منه شيء .
ومنهم من استفاد فائدة كبرى من أوروبا في علمه ونظرته الاجتماعية ومعرفته بكثير من دقائق الحياة في البلاد التي رحل إليها ، ولكنه لما عاد إلى مصر فسرعان ما دب إليه اليأْس ..وقارن بين ما كان يعيش فيه من نظام وعدالة ونظافة وأناقة ، وما أصبح يعيش فيه في بلده من اضطراب وارتباك وظلم وقذارة . وحاول أول الأمر أن يغير شيئاً من ذلك فلم يستطع ، فيئس واستسلم وطوى نفسه على حزن عميق . كل هؤلاء – يا بني – قد رأيت نماذج منهم ، ولا أحب أن تكون أحدهم ، إنما أُحب إذا عدت وقد اكتسبت علماً ونفساً وقلباً – أن تنظر إلى عيوب قومك فترحمهم ، ونقائصهم فتشفق عليهم . وتجتهد – ما أمكنك – في إصلاحهم فإن لم يمكنك الإصلاح العام ، فحاول الإصلاح في بيئتك الخاصة .. في طلبتك الذين تعلمهم والأساتذة الذين تخالطهم والبيت الذي تنشئه والصديق الذي تجالسه . وفي هذا القدر كفاية للرجل الطيب المحدود الإرادة . فإذا اتسعت إرادتك وقويت عزيمتك وشغلت بعد منصباً رئيسياً استطعت أن تنشر نفوذك وتعمم إصلاحك .
والرجل القوي الإرادة العظيم الشخصية يفرض إرادته ويحقق شخصيته ، ويحول التيار ولا يجرفه التيار – وهذا ما حدث فعلا من أشخاص تعلموا في أوروبا ثم عادوا فصبروا على ما أُوذوا وعاندوا في محاربة الرذيلة والانتصار للفضيلة حتى أدركوا بعض غايتهم وحققوا شيئاً من أملهم .
|
|||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |