الفدائي والأرض للشاعرة : فدوى طوقان
كان شعر فدوى يمثل الأمومة الحقيقية لشعراء هذه الكوكبة – التي قدمت إبداعاً شعرياً مغايراً ، وحساسية شعرية مختلفة ، ولغة شعرية تألقت بمفردات الواقع اليومي الحيّ ، ونجحت في التعامل الفني معه – وكان ولا يزال يحمل ذلك التوهج النادر الذي لم تنطفئ شعلته على مدار أكثر من نصف قرن من الإبداع ، ولا تزال – وهي في ثمانينيات العمر – تصغى لاهتزازات وجدانها المرهف الشديد الحساسية ، في ارتطامه بتجارب الحياة والوجود ، وامتلائه بفيض هائل من الأحاسيس والمشاعر الجارفة ، والعشق الحميم للوطن والأرض الفلسطينية بكل ألوانها وعطورها وروائحها. بحيث أصبحت دواوينها سجلاً حياً ناطقاً باللوحات الشعرية المعبّرة والصور الحية لطبيعة تمتزج بالإنسان وقضيته ، امتزاج حياة ومصير .
ومن خلال شعرها انطلقت مفردات فلسطين إلى الذاكرة الحميمة لكل عربي وهو يقرأ عن نابلس وبيسان وجزيم وطوباس ورفيديا ، ويطالع هذه الجغرافيا الشعرية الحية ، التي جسّدت وجود فلسطين : خارطة وبشراً ونضالا . وظلّ هذا الشعر شاخصاً – في دائرة الرؤيا والتصور والذاكرة – محرّكاً للهمم والعزائم قاداً لزناد الحسِّ القومي والوعي بقضية العرب الأولى : فلسطين .
في أعقابِ هزيمة يونيو 1967 – كان صوت الشاعرة الفلسطينية الكبيرة فدوى طوقان يمثل طاقة من النور والأمل وشعاعات من اليقين ، نابضاً بالإرادة الصلبة ، والعناد البطولي ، والإصرار على محو آثار الهزيمة ، والعودة إلى فضاء الأمل والانتصار والحرية . من خلفِ أسوار السجن الكبير الذي تعيش فيه – في بلدتها نابلس بالضفة الغربية – انتشرت رسائلها التي تحمل كلماتها النبيلة والعديد من قصائدها الرائعة، التي أبدعتها قبل أن تلتمع في أفق شعر المقاومة أسماء شعرائها الشباب الجدد في ذلك الوقت : محمود درويش وسميح القاسم وسالم جبران وتوفيق زياد وراشد حسين وغيرهم من الشعراء الفلسطينيين في داخل الأرض المحتلة وخارجها .
|
||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |