الخبر والرواية :
نعاين بجلاء من خلال التعابير
الموظفة لرصد ردود أفعال المتلقين أمام خبر "
غير
عادي
" في حياة القرية : فالوعاء يكاد يسقط ، والحنك
يسقط ، ويصاب عبد الصمد بالذهول ، فيظل صامتا . يولد
الخبر العجيب الأثر العجيب داخل عالم الرواية .
ويدفعنا هذا الأثر ، وذاك الخبر ، نحن القراء إلى
التساؤل عن مكمن "
العجب
" وموئله في هذا الخبر ، وعن طابعه الخبري الذي يتميز
به ، والبحث عن الجواب عنه من خلال عملية القراءة .
تأتي رواية عرس الزين
بكاملها لتكشف لنا عن هذه الخبرية ، وهي تحقق من
خلالها سرديتها وروائيتها . ويمكننا معاينة ذلك من
خلال المشاهد الثلاثة التي تم عبرها ترهين الخبر .
ويفرض علينا هذا الوقوف على طبيعتها ، وخصوصيتها في
عملية بناء النص على النحو التالي :
1. من حيث المفارقة الزمنية : نجد الرواية
تنفتح على "
استباق
" ، وذلك على اعتبار أن حدث العرس هو ما تختتم
به الرواية .
2 . من حيث التواتر : نحن أمام "
التكراري
" ، لأن الحدث الواحد قدم إلينا ثلاث مرات ، ومن خلال
ثلاثة أصوات مختلفة .
3 . من حيث المدة : يقدم إلينا " الخبر " من
خلال "
المشهد
" الذي يتوازى فيه زمن القصة وزمن الخطاب.
إن اجتماع الاستباق والتكراري
والمشهد يوحي إلينا نحن القراء ، أننا أمام خبر غير
عادي . وذلك بناء على أن الاستباق يبين لنا قيمة
الحدث أو الخبر الذي دشن به السرد ، لأن كل ما
سيأتي يبنى عليه . وأن التكراري يكشف لنا عن الطبيعة
الخاصة للحدث ، ولذلك استرعى الاهتمام أكثر ، وكان له
أكثر من راو ، وطريقة في الأداء . وأخيرا يبرز لنا
المشهد أن مختلف أطراف مجتمع الرواية ( الشخصيات من
مختلف الفئات ، وسواء كانت تمارس السرد أو تتلقاه
تنفعل بالحدث ) تمحضه القيمة نفسها .
كل هذه الاعتبارات تجعلنا
نرى " الخبر " نواة السرد ، ومولِّده في آن واحد
. لذلك فإننا على صعيد بناء الرواية ما أن نتجاوز هذه
المشاهد الثلاثة ( التي نعتبرها مجتمعة بمثابة مطلع
الرواية ) حتى تشرع الوحدات السردية اللاحقة في تحليل
الخبر وإضاءته عبر إعادة ترتيب الزمن ، ويظهر لنا ذلك
بجلاء في قول الراوي : " ولما انتصف النهار كان الخبر
على فم كل واحد " . يولد الخبر "العجيب " الأثر " العجيب " في مجتمع الرواية ، ويدفعنا هذا نحن القراء إلى التساؤل عن سر "العجب" في هذا الخبر ؟ وذلك ما تضطلع الرواية بالجواب عنه ، ومن خلاله تعمل على إدماج القارئ في النص الروائي .
|
||||||||
Copyright © 2001 - 2010 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |