الوسائل التي اتبعها لنقل مواقفها للقارئ – الطريقة غير المباشرة أو تحميل اشخاص الرواية وجهات النظر، لا الكاتب نفسه من خلال قراءة الرواية الأولى: استطاع نجيب محفوظ أن يبدو حياديا في عرض الموضوعات الواردة في روايته، فقد عالج المواقف الإيجابية والسلبية فيها، بطريقة تشعر القارئ أن هذه المواقف هي جزء من سلوك وتصرف وتربية الشخوص وقبل ذلك فإن الموضوعات المطروحة فيها: الفقر، والظلم، والخيانة هي موضوعات منتشرة في بيئة الشخوص المذكورين في الرواية، وهو يحاول عن طريق حبكة الرواية، أن يقنعنا دونما وعظ أو ارشاد أن السلوك والصراع والنتائج في عمله الدرامي، هي نتاج تفاعل هؤلاء الناس مع غيرهم وسط بيئتهم.
لم يبد المؤلف عند عرض اللوحات التي نقلت أحداث الرواية، أي تعاطف أو نقمة بشكل مباشر على لسانه هو، بل جعل شخوصه هم الذين ينقلون التفاؤل والتشاؤم والثورة والرضى والحقد والانتقام، عن طرق لا تغالي في تصوير عواطفهم، ولا تبتعد عن مستوى طرائق تفكيرهم. إذ أوحى بكل ما يريد قوله على ألسنة شخصياته، وبخاصة بطل الرواية!
وقد ساعده في ذلك ذخيرته في علم النفس وعلم الاجتماع، وأسعفه اطلاعه الثقافي العميق والعملي على معرفة ممارسات وعادات أبناء مجتمعه كما ساهمت معرفته اللغوية على اختيار التعابير والألفاظ التي تتناسب مع ثقافة الشخوص في الرواية. أما من الناحية الفنية فقد استعمل عدة أساليب وقد أسقط هذه المعارف على شخوص الرواية، بحيث بدت معارفهم لا معارفه.
أما غوستاف فلوبير والذي عرف في عصره على أنه من أعلام الفكر والأدب في فرنسا فقد بدا الاخر قادراً على إخفاء شخصه وآرائه في حين حمل شخوصه كل ما يريد نقله من آراء ومبادئ.
وحتى معارف صيدلية وطبية وفنية وأدبية ودينية ونفسية وسياسية فقد كان غائبا عن جو الرواية، ولم يلمح القارئ حضوراً شخصياً له على رقعة الرواية الطويلة.
لقد حمل شخوصه كل ما أراد قوله ضمن لوحات كانت تقترب من الشعر في كل الأحيان. وساعده كما سبق معارفه الواسعة، فقد استخدم أسلوب التحليل النفسي في وصف ما تعاني إيما من نرجسية، وما يعاني زوجها شارل من استسلام، وعدم طموح. كما لجأ إلى أسلوب المناجاة (المنولوج الداخلي، أو المناجاة بالنسبة لوجهة نظرها من خيبة بل وقبل أيضاً).
|
|||||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |