أما غوستاف فلوبير والذي عرف في عصره على أنه من أعلام الفكر والأدب في فرنسا فقد بدا الاخر قادراً على إخفاء شخصه وآرائه في حين حمل شخوصه كل ما يريد نقله من آراء ومبادئ. وحتى معارف صيدلية وطبية وفنية وأدبية ودينية ونفسية وسياسية فقد كان غائبا عن جو الرواية، ولم يلمح القارئ حضوراً شخصياً له على رقعة الرواية الطويلة.
لقد حمل شخوصه كل ما أراد قوله ضمن لوحات كانت تقترب من الشعر في كل الأحيان. وساعده كما سبق معارفه الواسعة، فقد استخدم أسلوب التحليل النفسي في وصف ما تعاني إيما من نرجسية، وما يعاني زوجها شارل من استسلام، وعدم طموح. كما لجأ إلى أسلوب المناجاة (المنولوج الداخلي، أو المناجاة بالنسبة لوجهة نظرها من خيبة بل وقبل أيضاً).
لقد قادت هذه الأمور إلى غياب المؤلف عن أي موقف من مواقف الرواية. إذ استخدام الكاتب أول ما استخدم ثقافته الواسعة، ثم كذلك استخدام هذا الاسلوب في التدليل على حب الصيدلي، بالتفاخر بنفسه وإحاطتها بشيء من التفرد، وفي رسم خطوط شخصية معظم شخوص الرواية: بوفاري الأب والأم. ثم في عرض شخصية السائس، وصاحبة الفندق، وليون، ورودلف عاشقا إيما – والأمر نفسه في إلقاء الضوء على العمدة توفاش وأسرته ، وعلى ليريه المرابي وزوجته وفانسار والقس وغيرهم ممن عرض لهم في الرواية. وقد مازج بين أساليب عدة أخرى منها:
* أسلوب
السرد الجميل والشاعري في الكثير من الأحيان.
* كما
استخدام اسلوب القطع الزماني والمكاني Flash Back مازجاً إياه باسلوب
التحليل النفسي والمناجاة الداخلية.
*
واستعمل اسلوب الحوار الذي يقصر أو يطول ثم استعمل اسلوب الحوار المزدوج
حين كان خطيب الدولة يلقي خطابا رسميا في افتتاح المعرض الزراعي وكانت إيما
ورودلف تتناجيان ! واستخدم تيار الوعي الذي يمزج الماضي بالحاضر ثم
بالمستقبل. * كما استعمل اسلوب الرسائل والتي تبادلها شارل مع أمه وأبيه أو الصيدلي هوميه مع المجلات والصحف وأخيراً في التراسل بين إيما وعاشقيها والتي صارت من بعد وثائق حيث جعلها المؤلف سبباً في موت الطبيب شارل في النهاية.
كل ذلك اضافة إلى استثمار فلوبير اسلوب المفارقات الذكية والحيل التي تبدو بعض الأحيان عادية وفي كثير من الأحيان عصية على الانكشاف.
|
|||||||||||
Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |