وتولى البصرة بعد عتبةَ
المغيرةُ بنُ شُعبةَ ، ثم تولاها أبو موسى الأشعريُّ
في السنة السادسةَ عشرةَ للهجرةِ ، وكانت بيوتُها لا تزالُ من قصب ،
وفي السنة السابعة عشرةَ للجهرة حدثَ حريقٌ التهمَ جميعَ مبانيها .
فاستأذن وإليها
أبو موسى الاشعريُّ الخليفةَ عمرَ (رض)
ببنائها من لَبن خوفاً من الحريقِ. فكتب الخليفة
إليه: افعلوا وتلاصقوا في البناء، ولا
يزيدَنّ أحدكم على ثلاثِ غرف ولا تطاولوا في البناء . ثم
أمرهم
أن يجعلوا عرض شوارعها الكبيرة
أربعين ذراعاً والمتوسطة عشرين والأزقة
سبعة أذرع وأن يجعلوا وَسَطَ كلِّ محلة رحبةً مربعةً لمرابط
خيلهم طولُ ضعلها ستون ذراعاً .
وكانَ الذي صمَّم
المدينة عاصمَ بن دلَفِ القيسيَّ ، والذي خطَّطَ جامَعها الكبيرَ محجنَ
بن الأذرعِ الأسلميَّ . وكان طولُ البناءِ
فيها ستة أميالٍ وعَرْضُه ثلاثة أميالٍ ، فلما أنجزَ بناؤها سيَّرَ
الخليفة عمر (رض) سبعين ألفَ بيتٍ من أشرفِ
بطونِ القبائلِ العربية وبينهم عدد كبيرٌ من صحابة رسولِ الله (صلى
الله عليه وسلم).
لقد أقبل
أُناسٌ على سكنى
البصرة من كلِّ حَدَبٍ وصوب ، ونشطت فيها التجارةُ حتى روي أن ما كان
يفد عليها من سفن مائة وخمسين ألف سفينة في العام . وهكذا توسعت
المدينةُ حتى بلغت مساحتُها في العصر العباسيِّ ستة وثلاثين ميلاً
مربعاً . أما أجمل ما وصفت به فهو قولُ أحد
أبنائها وهو خالدُ بنُ صفوان "نحن
أكثرُ الناسِ عاجاً وساجاً ، وخزاً وديباجاً
. بيوتنا الذهبُ ونهرُنا العجبُ
" .
|