دروس في
دينامية الأرض الأقوام البشرية الأولى :
ومن الأمور الأخرى التي نستدل بها على تغير توزيع اليابس والماء عبر الأزمنة الجيولوجية الحفريات أو الأحافير ومفردها حفرية أو أحفورة ( أو المستحاثة ) . وهي عبارة عن هياكل وبقايا متحجرة للكائنات النباتية والحيوانية التي كان تعيش في ذلك الزمن . وكان بعضها يعيش في البحار . وتوجد هذه الحفريات والمخلفات النباتية والحيوانية البحرية اليوم بعيداً عن البحار ومختلطة مع صخور المناطق اليابسة . وهذا يدل على إغراق مياه البحار هذا الجزء من الأرض الذي يظهر لنا اليوم على شكل يابس .
وفي المقابل نجد اليوم مناطق تغمرها مياه البحار كانت في الماضي أرضاً يابسة . ولعل شط الدوجر في بحر الشمال بين الجزر البريطانية والقارة الأوروبية أكبر مثل على ذلك . فقد عثر في قاعه على بقايا ومخلفات حيوانات ونباتات كانت تعيش على الأرض اليابسة ، مما يثبت أن هذه المنطقة البحرية كانت في زمن من الأزمان أرضاً يابسة .
ومن الأدلة على اختلاف توزيع اليابس والماء وجود العديد من المعابر والمضايق والأرخبيلات التي تصل بين بحار العالم ومحيطاته . وهذه المعابر مكنت الإنسان من الانتقال والانتشار في أنحاء العالم في أول مراحل توزيعه على سطح هذا الكوكب . ومن هذه المعابر نخص بالذكر على سبيل المثال ـ باب المندب الذي عبرته الأقوام البشرية الأولى التي انتقلت من شبه جزيرة العرب إلى أفريقية . وقد تشكل فيما بعد على أثر تباعد أراضيه واختفاء بعض جزره تحت مياه البحر إلى مضيق عدن الحالي . وكذلك معبر مضيق جبل طارق ومعبر تونس ـ صقلية ـ إيطالية ، حيث كان يمكن للإنسان الانتقال من أفريقيا إلى أوروبا وبالعكس بواسطة العديد من الجزر وأشباهها والممتدة على طول هذين المعبرين قبل أن تهبط وتختفي ، ويصبح الانتقال البرمائي غير ممكن . وبناء عليه فإن شكل السواحل الإفريقية والأوروبية المطلة على البحر المتوسط دخل في مراحل متعددة من عدم الاستقرار قبل أن يتخذ الشكل الحالي . كما وأن الفصل التام بين إفريقيا وأوروبا لم يظهر إلا مؤخراً .... ففي أول ظهور الإنسان وبداية تكاثره وانتشاره على سطح الأرض كان الاتصال واضحاً بين القارتين .
|
|||||||||||||||||
Copyright © 2001 - 2010 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية وحقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |