أيها
السادة
سمعتم
فيما سلف أن الشريف الرضي تفتحت
عبقريته بفضل طريق الحج ، وموسم الحج
، ورأيتم أقباساً من جذوات وَجْده
المشبوب .
ونري
اليوم أن نتكلم بالتفصيل عن قصائده
الحجازيات .
ولي مع
تلك الحجازيات تاريخ ، فقد ألقيت عنها
محاضرة في نادي الموظفين بالقاهرة منذ
سنين ، ثم كتبت بعد ذلك فصولاً مطولة
في جريدة البلاغ ، وقد حاولت إحضار
تلك الفصول من القاهرة ، ولكني لم
أستطع . فأنا أكتبها للمرة الثالثة ،
وذلك عناء أتقبله في سبيل الشاعر
البكاء الذي خلد مواسم العيون والقلوب
.
أيها
السادة
إن
أسلافنا لم يخطئوا حين جعلوا حجازيات
الشريف من فرائد الشعر العربي ، فهي
قصائد تفردت بغرائب من الأحاسيس ،
والشريف في هذه القصائد من فحول
الإبتكار والإبتداع ، فهو لا يكرر ما
سبق إليه الشعراء ، وإنما تتفجر
عبقريته عن معان طريفة تَشُوق الأذواق
والعقول .
والشريف
في الحجازيات كأبي نواس في الخمريات ،
فإن أبا نواس ألح إلحاحاً شديداً في
وصف الصهباء ، وكانت لجاجته في وصفها
خليفة بأن تقذف به في مهاوي الإسفاف ،
ولكنه مع ذلك تماسك وظل دائماً من
المبدعين .
وكذلك
الشريف ، فهو لم يكتف في وصف موسم
الحج بقصيدة أو قصيدتين أو ثلاث قصائد
أو سبع قصائد ، وإنما قال وأعاد ، ثم
قال وأعاد (1) ...........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبقرية الشريف الرضي لزكي مبارك
الجزء الثاني ص 113 . |