مردوك ينتصر على تيامات
في البدء لم يكون سوى " إبسو " المحيط الأزلي و" تيامات " التي لم تكن تعرف في حياتها سوى الظلام والفوضى . ومع تعاقب الأزمان واختلاط الماء بالفضاء ، خرجت آلهة النور الذين فضلوا العيش في النور والنظام والاستقرار .
حقدت "تيامات" على آلهة النور وقررت التخلص منهم . وهكذا فمن جوف "تيامات" جاءت الوحوش المفترسة وانطلقت الثعابين المهولة ذات السم وخرجت الكلاب المفترسة ، والعقارب السوداء المخيفة . وكانت كل هذه الحيوانات الشريرة تتحرك تحت إمرة الوحش "كنجو" العملاق ، الذي وعدته تيامات بالزواج وإعطائه ملك كل شيء ، إذا تغلب على آلهة النور .
فوجيء آلهة النور بعدوان "تيامات" ، وتوالت مواكبهم واحداً في الآخر ، لمقابلة "تيامات" وسؤالها من سر تحديها، ولكن أحداً منهم يستطع الوصول إليها أو مناقشتها فقد كان الوحش المارد "كنجو" المستلقي إلى جوار "تيامات" يتصدى لهؤلاء ويهاجمهم في شدة وعنف وجنون .
جلس الجميع ذات يوم يبحثون الأمر ، وكان بينهم الإله "مردوك" الذي لم يكن قد جرَّب حظه مع "تيامات" وماردها "كنجو" من قبل , هكذا استقر رأي الجميع على تكليف "مردوك" بمنازلة الآلهة المتوحشة وقد قَبِلَ "مردوك" التحدي بشرط أن يُقِر له الجميع متى انتصر أنه الأقوى .
انتفض "مردوك" وهو ينهض ليبدأ الصراع الجبار : فإذا تحرك كانت أمامه تبرق البروق ومن فوقه ترعد الرعود والقوس الضخم فوق ظهره ، والرمح الثقيل في يده ، والشبكة الهائلة التي قرر أن يصطاد بها الوحش "كنجو" الرهيب يجرها خلفه .
انطلق "مردوك" يقود مركبة القَدَر ليصل إلى حيث تجري المعركة ، وعندما نطق بكلمة واحدة ، فإذا ريح مروعه تجري أمامه وتتحول فتصير عواصف وزوابع وأعاصير .
عندما أطلت الحيوانات المهولة لتواجه "مردوك" ، شع نورٌ من خوذته يخطف الأبصار ، فهرعت تختفي في أعماق الظلمة.
وعندما بلغ "مردوك" مملكة "تيامات" ، واجهه وحش مهول في شكل تنين ، من عينيه ينطلق بريق مخيف ، ومن منخاريه يندلع لظى اللهب .
توقف "مردوك" في مكانه وخاطب "تيامات" من بعيد طالباً منها أن تجنح إلى السلم ولكنها قهقهت واهتزت وسلطت في سرعة على عدوها أقوى تعاويذ السحر وأشدها أثراً .
كان "مردوك" قد أعدَّ العُدةِ لإبعاد السحر عنه ، وفي لمح البصر رفع شبكته الهائلة وألقى بها في قوة إلى حيث وقفت "تيامات" فأمسك بها ، وأطلق على فمها ريحاً صرصراً عاتيه دخلت بين فكيها واخترقت البلعوم لتدخل في بطن "تيامات" الذي ظل ينتفخ وينتفخ . وعندما بلغ أقصى درجات الانتفاخ ، رفع "مردوك" رمحه الضخم وطعن البطن المنتفخ فانفجر في صوت صاخب كالرعد ، وسقطت "تيامات" ميتة .
وقف "مردوك" فوق جثة "تيامات" وقطع قلبها الشرير ، ثم تحول إلى التنين الهائل فقضى عليه ، ولم يهمل كذلك وحوشها الأخرى ، فأخذ يلقي عليهم شبكة تصطادهم واحداً في أثر واحد ووقعوا كلهم في الأسر .
|
||||||||||
|