حين كنتُ أعمل في مجال التوجيه التربوي في منطقة القدس التابعة لوكالة
الغوث سألني أحدهم:أيهما أفضل في رأيك، الموجه أم المعلم؟ فرددت على
الفور: المعلم. فأدهشه جوابي ولم يقل شيئاً. ولكي أوضّح له ذلك قلت:
أليس الله سبحانه هو المعلم الأوّل، الذي
"علم
الإنسان ما لم يعلم"؟!
ولست أجامل
المعلمين إذا قلت إنّ مهنة التعليم هي الأفضل والأنبل بين سائر المهن.
ولست بحاجة لأن أفسّر ذلك. إذ يكفي القول أنهم هم الذين يقدّمون
للإنسانية الكوادر البشرية في شتى أنواع العلوم والفنون. فهم الذين
يصقلون مواهب الطلبة ويعملون على رعايتها ونموّها. ولولاهم لما برز هذا
الكم الهائل من العلماء والأدباء، ومن المهندسين والفنانين والأطباء.
هم وحدهم يُمسكون بالقنديل السحريّ الذي يُضيء قلوب الأطفال وعقولهم.
فيالها من مسؤولية هذه التي تقع على كاهله!!
ولكي يتمكن
المعلم من القيام بالدور الريادي المطلوب منه، علينا جميعاً أن نقدّم
له كلّ المساعدة في
الناحيتين، التربوية والمادية.
فعلى مدير
المدرسة والمشرف التربويّ أن لا يقتصر دورهما نحو المعلم بأن عليه أن
يعمل كذا وكذا، وإنما بتقديم جميع التسهيلات التي يحتاجها. التدريب
الذي يحتاجه، والوسائل التعليمية
/
التعلمّية التي يحتاجها. وقبل كل ذلك التعامل
المبني على
الثقة والمودّة والاحترام المتبادَل.
هذه الأمور جميعها تزرع في قَسَمات وجهه ابتسامةً تنعكس على وجوه
التلاميذ. وتساعده على أن يكون القدوة الرائعة للأجيال التي يقوم
بتربيتها وتعليمها.
أما
الناحية المادية، وأقصد بها المعيشية، فيجب أن تظلّ هدفاً كبيراً من
أهداف الدولة نفسها، فالمعلم الذي يعمل في ظروف اقتصادية جيّدة ، يعني
أنه ذو معنويات عالية وذهن صافٍ متوقّد، وقادرٍ على العطاء. وهذا ما
نحن بحاجة ماسّة إليه. إذ ليس المطلوب التغيير في المناهج من أجل
مواكبة القرن الجديد فحسب، وإنما يجب أن يتضمّن ذلك التغيير في النظرة
إلى المعلم، باعتباره العنصر الأهمّ في العملية التربوية، واليد
الأمينة التي يُسلمها الآباء والأمهات أعزّ ما يملكون. والذي هو وحده
القادر على المساهمة الفاعلة ببناء دولنا الفتيّة بسواعد الطلبة
المتنوّرين، بُناة المستقبل الزاهر لهذه الأوطان.
رجوع