منذ أقدم العصور وعت الدول والحكومات دورها التربوي وعملت جادة، ولا
تزال، على فتح المدارس والجامعات ودور التعليم التقني والمهني متوخية
خدمة الأوطان من خلال ترقي المواطن وتربيته على أسس:
ثقافية،روحية وأخلاقية
مؤمنة له تربية
متكاملة تعطيه رؤية حقيقية للإنسان والتاريخ ينيرها الإيمان فيعيش
مؤمناًً ناشطاً شاهداً للإيمان ومواطناً مسؤولاً يتميز بالقدوة الحسنة
والخلقية القديمة وحياة روحية عميقة.
نتوقف الآن لنتسأل ماذا نعلم أبنائنا وكيف نعدهم للحياة؟
نعلّمهم
أولاً الحرية:
حتى لا يعيشوا عبيداً في تفكيرهم وعاطفتهم وانتمائهم
وأذواقهم لكن
نعلمهم أن الحرية لا تعاش بلا المسؤولية التي هي الوجه الآخر معها
لعملة واحدة. فالحرية هي أساس الوجود الحق وأساس الدين الحق وأساس
المواطنية الصحيحة.
ونعلمهم ثانياً فن
التنوع:
فالوحدة تربطنا والتنوّع يغذينا. بفهم الآخر واحترامه وقبوله كما هو،
بصفاته المميزة وهويته الخاصة وبالتعاون معه لبناء مجتمع قائم على
المحبة والحقيقة والحوار.
ونعلمهم ثالثاً بناء
الجماعة:
الجماعة هي المجتمع دينياً ووطنياً، شرط أن لا يقيم الحواجز في وجه أحد
فيتحول إلى عشيرة وقبيلة تسجن أبناءها في
الانعزال وتسلب الآخرين
حريتهم وتدخلهم في أصولية
الانغلاق الاجتماعي والفردية بكل مساوئه.
كل إنسان هو أخي، ومعه سأبني جماعتي
الأشمل ومعه سأحيا هذه الجماعة بكل
أفراحها وأحزانها متقاسماً خبز الشراكة. والجماعة هي مشروع للتحقيق
يبني بالتضحيات الذاتية لأجل الخير العام بالتضامن البشري والتعاون
البناء.
"وأكبر
أسس بناء
المجتمع هو المساواة بين أبنائه بالحقوق والوجبات وتأمين نظام سياسي
واجتماعي عادل ومنصف يساهم في
إشراك الجميع في المسؤولية لأننا جميعاً
مسؤولون حقاً عن الجميع".
ونعلمهم رابعاً أن
يكونوا بناة سلام:
لأن السلام هو النعمة
الأكبر والحروب والاضطرابات تنزل الويلات بالحياة وبالطبيعة وتهدر تعب
الإنسان وتلغي إنجازاته عبر التاريخ وتعرقل الترقي البشري.
والسلام يبنى بالمصالحة مع الله والذات والقريب والطبيعة.
والسلام يبني
أيضا على العدالة. ولا عدالة
حقه دون مشاركة في توزيع
الخيرات المادية والمعرفية واستثمارها.
ونعلمهم أخيراً الدرس
الأهم احترام الحياة.
ويكذب من يقول
لأبنائنا أن الله يأمر
بأن يبغض الإنسان باسمه، وأن يهمش ويضطهد ويعذب
ويقتل باسمه.
يكذب من يتهم
الله بالتفرقة بين الناس والشعوب.
ويجرم من باسم
الله يمارس العنف والحقد والبغضاء.
فالله محبة
وحياة. فمن أحب نال الحياة.
هذا ما نعلمهم
إياه… وبعد كل هذه نبدأ بالكتب. فالمثل اللاتيني كان يقول:
نعيش
أولا وبعدئذ نتفلسف
"Primum vivere deinde philosophare"
رجوع