كثرت
في الآونة الأخيرة المقارنة بين المعلم القديم والمعلم الحديث، وبين
المعلم القديم التقليدي والمعلم الحديث المتطور, حيث نسمع الاصطلاحات
والجمل الرنانة التالية: "قديماً كان في هيبة للمعلم والتعليم".
"عندما كان يمر المعلم في الشارع كان
يهرب الطلاب، واليوم نرى العكس".
"عندما مُنع الضرب في المدارس، تدمرت الرسالة
التربوية وضاعت هيبة المعلم". "التعليم الحديث وخصوصاً الالكتروني دمر
اللغة العربية وخصوصاً الخط العربي، قارن بين خط
أهلنا وخط طلاب
اليوم".
"طالب اليوم يخرج
إلى العالم متعلماً
وليس مثقفاً".
"
كان المعلم قديماً صاحب رسالة وكان له مكانة اجتماعية،
أما اليوم فهو
موظف همّه جني الأموال، ومع المعلم الدروس الخصوصية (مرض العصر)، فهو
جابي أموال وينتقل من بيت إلى أخر".
من هذا الكلام وغيره (الذي نسمعه يوماً
في رسالتنا وعملنا التربوي) نستخلص عِبَر كثيرة. ولكن لماذا لا ننظر
إلى الموضوع "بالاتجاه المعاكس"؟
التغيرات في عالم
اليوم: اقتصادياً واجتماعياً وعلمياً وتربوياً
أصبحت تهدد سلطات المعلم التقليدية.
تدخل
أولياء الأمور
بصورة مباشرة في عمل المعلمين حيث يجادلون في عمل
المعلمين ويخطئونهم في أساليب تعاملهم وتعليمهم
ويشككون في قدراتهم وكفاءتهم مما يهز ثقة المعلم
في نفسه.
انخفاض المكانة الاجتماعية للمعلم، حيث نرى
عزوف الطلبة عن التسجيل في الجامعات بالتخصصات التربوية (تربية طفل،
معلم مجال، معلم صف، تخصص)... أو قبول المعدلات المتدنية لهذا التخصص.
حيث تبقيهم هذه التخصصات في عالم منغلق ولا يسمح لهم بالنمو المادي.
عولمة التعليم والفجوة بين المعلمين حيث ولدت
"الطبقية" في التعليم وتفاوت المعاشات، والاهتمام بمعلم التوجيهي على
حساب معلم الصفوف الأساسية: اجتماعياً ومادياً.
إنه
فعلاً احتراق نفسي للمعلم. إنها قضية تربوية
معاصرة تحتاج إلى الاهتمام بها وتطويرها والعمل على نموها. وكلما منحن
الراحة النفسية والإنسانية، وكلما حرصنا على العلاقات الإنسانية في
التعليم كلما بلغنا إلى "الجودة الشاملة"، فتكون المحصلة "إخراج
المواطن الصالح وننمي التنمية الشاملة بنواحيها المتعددة: السياسية
والاقتصادية والثقافية وغيرها".