العَمُ
خَطّارٌ لا يَخْتَلِفُ في مَظهَرِهِ عَنْ سائِرِ رِجالِ القَرْيَةِ ، رَبْعَةٌ
، أَسْمَرٌ اللّونِ ، مُرْتَفِعُ الصَّدْرِ ، وَجْهُه يُشْرِقُ بِنورِ
العافِيةِ ، مَعَ أَنَّهُ قَطَعَ مِنْ عُمْرِهِ الشَّوطَ الأكبَرَ . لَكِنَّهُ
يَمْتازُ بِهدوءِ طَبْعِهِ ، وانْسِجامِ خُلُقِهِ ، فَما رَأيناهُ يَوْماً
عابِسَ الوَجْهِ أَوْ مُنْكَمِشَ المَلامِحِ ، مَعَ أَنَّ حياتَهُ كانَتْ
صَعْبَةً ، وَهُمومَهُ كَثيرَةٌ . لَهُ في الحَياةِ فَلْسَفَتُهُ الخاصّةُ،
الّتي يَهْتدي بِها ، وَتُسْعِفُهُ عَلى اخْتيارِ طَريقهِ وَحَلِّ مشاكِلِهِ . سألَ مَرَّةً جَماعَةً مِنَ الَّذينَ كانوا يَتَحلَّقونَ حَوْلَهُ لِسماعِ أَخْبارِه : " أَتعرفونَ ما هُوَ أَخَفُّ شَيْءٍ في الوُجودِ "؟ وانْهالَت عَلَيهِ الأَجْوِبَةُ : " أَخَفُ شَيْءٍ في الوُجودِ الرّيشُ ، لا بَلْ هُوَ القَشَّ ، لا بَلْ الغُبارُ المُتَطايِرُ في الجَوِّ ... " لَكِنَّ العَمَّ خَطّاراً يُعْلِنُ بِإشارةٍ مِنهُ عَجْزَهُم عَنِ الجَوابِ الصَّحيحِ ، ثُمَّ يقولُ : " أَخَفَّ شَيْءٍ في الوُجودِ هُوَ الهَمَّ في صُدورِ الرِّجالِ " ! وَأَثْقَلُ شََيْءٍ في الوُجودِ ، أَتَعْرِفونَ ما هُوَ ؟ فَيُجيبونَ : " الرَّصاصُ ... البلاتينُ ... اَلـ ... " . يَكفي ، يَكْفي ، يقولُ العَمُّ خَطّارٌ مُقاطِعاً : " أَثْقَلُ شَيْءٍ هُوَ الهَمَّ في صَدورِ الجُبناءِ ، الضِّعافِ النُّفوسِ . الرِّجالُ الذينَ يَسْتَحقّونَ اَنْ يُسَمّوا رِجالاً هُمُ الّذينَ لا يَعْرِفُ الخَوفُ طريقاً إلى قُلوبِهم . وما فائِدَةٌ الحَياةِ إذا خَلَت مِنَ المَخاطِرِ " ؟
|
Copyright © 2001 - 2010 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية وحقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |