إلى أين يا فلاّح الخير ، إلى أين ؟ ترابي
خيّرٌ حنونٌ ، وكرمي معطاءٌ جَوّاد . في البحر ، يا أرضُ ! في البحر جبالُ من
الياقوتِ ، وكرومٌ من الزّمرد فيها العناقيد معلّقاتٌ ، مواقد النار باردةٌ حتى
الصقيع ، تنطفئ فيها الجمرات على كفّ شيخةٍ وشيخٍ يَبسَت فيهما العروقُ ،
وحيدَين وحيدَين ، إلا من صورةٍ معلقةٍ في الحائط ، ورسالةٍ تنام تحت المخدّةِ
، فيها رائحة ولدٍ ضاعَ في البحر ....
بيادرُ القمح تنوسُ فيها الحياةُ على
بقراتٍ عجافٍ وحبَاتٍ ضعافٍ ، لا تُشبعُ عصفورَ الدّارِ الحبيب ! بيوتُ القرميد مُعْتِمَة ، تعيشُ في ظلام الوحشةِ ، وظلمة الهجران ... رُدَّهم يا بحر ، ردَّهم من مجاهل الغابات ، فقد يَبِسَت جلودُهُم من وهج الحرّ ، ووخز البرد ، وتفسّخت أرجُلُهُم من المشي في الليل والنّهار ! رُدّهم إلى نور الشمس في بلادهم ... إلى الكروم التي هجروها ، فهجرتها البركاتُ والخيراتُ ، إلى البيوت التي عمّروها على التلال والسّفوح ، وراحوا ... إلى أرضهم يا بحرُ رُدَّهم ... إلى وطنهم ، فوطنهم بأمسّ الحاجةِ إلى سواعدهم المفتولة .
|
Copyright © 2001 - 2010 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية وحقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية |